وحسب بيان منظّمة اليونسكو، فإن بجاوي مرشّح باسم الجزائر، رغم أن عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الجزائري الممثل الشخصي للرئيس قد وصف، قبل أيام، ترشح رئيس محكمة العدل الدولية الأسبق محمد بجاوي، لمنصب مدير اليونسكو، باسم كمبوديا، بأنه ''شخص غير منضبط''، في وقت تدعم فيه الجزائر ترشيح وزير الثقافة المصري فاروق حسني• وأبدى حينها بلخادم، تحفظا بشأن الخوض في القضية حيث قال: ''إنني أعلم أشياء كثيرة حول هذه المسألة، لكنني لن أكشف عنها للصحافة''• الغريب في القضية، أنه بعد إعلان بجاوي نيّته الترشح للمنصب قبل أشهر قليلة، باسم مملكة كمبوديا - التي يحمل بجاوي جنسيّتها أيضا - قرّر وفد مملكة كمبوديا بالمنظمة الدولية مع نهاية شهر مارس الماضي، سحب ترشيح المملكة للسفير الجزائري، وذلك تعميم مذكرة بهذا الشأن لكافة الوفود بالمنظمة باعتبار مذكّرة ترشيح بجاوي التي تقدّمت بها كمبوديا بتاريخ 10 فيفري الماضي ''مُلغاة''• وكانت مصادر دبلوماسية، أكّدت أن ملابسات وأسباب سحب الترشيح كانت مفاجئة للجميع، حيث اتضح حينها، أن ملك كمبوديا، لم يكن على دراية بتقدم بلاده بترشيح بجاوي، ولم يتقدم أبدا بمثل هذا الطلب، وأن سفير كمبوديا لدى اليونسكو، قدّم الترشيح بشكل منفرد ودون التشاور مع ملك كمبوديا وبناء على إلحاح وطلب من بجاوى نفسه• وبذلك يكون ترشّح بجاوي باسم الكمبوديين ''باطلا''، ثم إن الجهات الرسمية الجزائرية لم ترشّحه أيضا للمنصب، فباسم أي دولة ترشّح بجاوي!؟ مع العلم أن قانون المنظّمة واضح في هذه المسألة، حيث لا يقبل الترشيحات إلا من طرف الدول الأعضاء في المنظّمة، ولا يقبل المرشّحين الأحرار• المثير في قضيّة منصب اليونسكو أيضا، والذي دخل في سباق الترشّح إليه وزير الثقافة المصري فاروق حسني المدعّم جزائريا، هو الطرح الذي تمّ على طاولة في منتجع شرم الشيخ المصري، في منتصف السنة الماضية، بين الطرفين المصري والمغربي، إلى درجة الدخول في مساومات دبلوماسية مصرية مع المنافسة المغربية ''السابقة''، السفيرة عزيزة بناني• أساسها أن يساند الطرف المصري موقف المملكة من قضيّة الصحراء الغربيّة ضد الموقف الجزائري، مقابل أن يتنازل الطرف المغربي على الترشّح لمنصب اليونسكو، لصالح المترشّح المصري• وهو الأمر الذي دفع بجاوي، حسب مصادر إعلاميّة، إلى الترشح للمنصب باسم كمبوديا، ضد المرشّح المصري، الذي دخل حملة انتخابية نشطة، اشتدت حركتها بعد كافة المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى اقتراب مصر، من فرص الفوز برئاسة المنظمة الدولية، استنادا إلى الموافقات المبدئية التي أبدتها بعض الدول العربية والأجنبية بما فيها الجزائر، على ترشيح حسني• هذا الإجماع الكبير الذي لاقاه وزير الثقافة المصري، بما في ذلك سحب إسرائيل اعتراضها على ترشّحه، لم يأت من فراغ، خصوصا بعد موافقة الحكومة المصرية على إنشاء معبد يهودي بمنحة من اليونسكو، سيتم وضع حجر أساسه في غضون شهر أوت القادم، في قلب العاصمة القاهرة، أي قبل الموعد الانتخابي الذي سيحدد فيه اسم الجالس الجديد على كرسي اليونسكو، وهو المنصب الذي تفرّغ فاروق حسني، في الأشهر الأخيرة لحشد التأييد العربي والعالمي من أجل الظفر به• لكن عودة بجاوي إلى الواجهة من خلال دخوله في قائمة المرشّحين التسعة للمنصب، من وسعه أن يخلط الكثير من الأوراق، بما فيها أوراق الجهات الرسمية الجزائرية التي وصفت - على لسان بلخادم - دخول بجاوي في السباق نحو المنصب بالتصرّف غير المسؤول• يذكر أن المرشحين التسعة لمنصب المدير العام للمنظمة الذين قدّموا طلباتهم للمجلس التنفيذي هم إنا مارشيوليونيته من ليتوانيا، وإيرينا جيرجويفا بوكوفا من بلغاريا، وفاروق حسني من مصر، وسوسبيترمويجاروبي موهونغو من تنزانيا، وألكسندر لاديميروفيش ياكوفينكو من روسيا، وإيفون خويس أ• باقي من الإكوادور، وبينيتا فيريرو فالدنر من النمسا، نورعيني تيجاني سيربوس من بينين إضافة إلى محمد بجاوي الذي لم تعلن الجهات الرسمية الجزائرية حتى اليوم ترشيحه رسميا• على أن تتم انتخابات المنصب بالمجلس التنفيذي والمؤتمر العام للمنظمة في أكتوبر المقبل• ينصّ الميثاق التأسيسي لليونسكو على أن رئيس المجلس التنفيذي، المؤلف من 58 دولة عضوا، يطلب من المرشحين أن يرسلوا إلى المجلس نصا قوامه 2000 كلمة على الأكثر في موعد أقصاه مطلع أوت المقبل، يعرضون فيه رؤيتهم لليونسكو بإحدى اللغات الست المعتمدة في عمل المجلس التنفيذي، وبعد ذلك ينظر المجلس التنفيذي أثناء دورته ال82 في الترشيحات المقترحة، وذلك في جلسة خاصة• يشار إلى أن بجاوي كان مندوب الجزائر الدائم لدى منظمة اليونسكو بين 1971 و,1979 وقد عيّنه بوتفليقة وزيرا للخارجية عام 2005 وغادر المنصب في 2007 بطلب منه، ويشاع أن السبب هو تفرغه للمنافسة على منصب مدير عام ''يونسكو''•