تثيرني جداً تلك القبور التي تضم في جوفها أكثر من رفات•• وهي تتحدى الحياة في موتها كما خرافة عناق يستميت في شد من يحب إليه، لاسيما عندما تكون لزوجين مثلاً•• فيحدث ذلك بعد وصية يتركها الزوج الباقي وتأتي بهذه اللهجة الصادمة••''عندما أموت أدفنوني فوق قبره••'' طبعا مع حساب مدة زمنية تتعدى الخمس سنوات كي تتحلل الجثة•• غير أني دوما كنت أتسأل عن مصير العظام الباقية من الجثة الأولى•• وهل يمكن للقبر أن يضم حدا أدنى من الرفات؟؟ ولماذا هذا الطلب؟؟ هل هو التعلق الشديد بروح الميت؟؟ وأحيانا كنت أذهب بظنوني إلى أبعد من هذا•• هذا القبر البرزخ الذي يمكن أن يصير فتحة من جهنم أو روضة من رياض الجنة هل سيشتركان فيه؟؟ طبعاً لست أعرف شيئا، رغم أنني أفقت على هذه الظاهرة منذ صغري وهي متداولة في العائلة الكبيرة، لاسيما الزوج الوفي الذي يعود بعد عشرين سنة إلى قبر زوجته أو حتى الطفل العجوز الذي لم ينس والدته وحضنها الدافئ بعد كل هذا العمر•• ولكن الظاهرة تصبح رائجة جداً في مدافن الأولياء الصالحين، لأن تلك المقابر تصير محدودة مع الزمن وليس يسمح بالدفن فيها•• لذا نجد مقبرة سيدي عبد الرحمان الثعالبي مثلاً تعرف الظاهرة جيدا•• اكتشفت هذا وأنا أبحث عن قبر مصطفى باشا 1716 1805 بتلك المقبرة ووجدت القبر مسكونا بكامل أولاده•• في تلك اللحظة شعرت بكثير الحب لهذا المصطفى باشا صاحب قطعة الأرض التي بني عليها المستشفى، الذي يحمل اسمه على الرغم من تقرب عائلة بكري اليهودية من بلاطه ورخصته لها باحتكار خشب الجزائر في المساحة الممتدة من القل إلى بجاية•• والخشب في ذلك الوقت هو المادة الأولية للأسطول البحري درع الجزائر•• قال لي الجد رحمه الله تجمع الرفات الباقية وتوضع على جنب•• وقالت الكتب إن المصلين أغلقوا على مصطفى باشا أبواب المسجد علي بتشين و لم يتركوه يدخل .. كما قالت بعض المصادر إنه تمقطع لسانه ؟؟