وبلغ بهم الأمر حد رفع دعاوى ضد عدد من المحضرين وشكاوى لدى الغرفة الوطنية للمحضرين، المعنية بمراقبة مدى تطبيق أخلاقيات مهنة المحضر، التي اتخذت عدة إجراءات تأديبية ضد كل من ثبت تورطه، حيث تقرر عزل أربعة محضرين على مستوى الوسط، وتوجيه توبيخات وإنذارات إلى سبعة آخرين، وهي تدرس حاليا 50 شكوى أخرى قبل إحالتها على المجلس التأديبي، فضلا عن إجماع القانونيين على مراجعة مضمون تكوين المحضرين ومدته• ومن جهتهم، يعاني المحضرون القضائيون الويلات في تنفيذ الأحكام القضائية، لاسيما ما تعلق منها بإخلاء السكن، خاصة في فصل الشتاء، حيث كثيرا ما يتعرض المحضر للتعنيف الجسدي من قبل المعنيين بالتنفيذ، إلى جانب التهديد بالانتحار سواء بإلقاء أنفسهم من طوابق عليا أو حرق أنفسهم••• ووضعت هذه المشاهد الإنسانية والاجتماعية المحضر في حالة حرجة جدا• يشتكي العديد من المواطنين من الأسعار المرتفعة التي يدفعونها للمحضر القضائي مقابل خدماته، فبعض المحضرين القضائيين يتجاوزون التعريفات التي حددها المرسوم التنفيذي الصادر شهر فيفري المنصرم، والمحدد لأتعاب المحضر القضائي في المجال المدني، من خلال إلزام زبائنهم بدفع مبلغ 3000 دينار مقابل تحرير محضر التبليغات، في حين أن المرسوم حددها ب 1200 دج، وبعضهم يتجاوز التعريفة المحددة في المادة 16 من نفس المرسوم، حيث تحدد ثمن 50 دج تعويضا عن كل كلم يقطعه المحضر القضائي ذهابا وإيابا، في وقت أثبتت الوقائع وجود بعض المحضرين ممن يرفعون هذه التعريفة إلى سقف 200 دج، أي بزيادة 150 دج عن الكيلومتر الواحد• وبعيدا عن هذه المصاريف ''الخيالية''، تصدر عن بعض المحضرين القضائيين تجاوزات قانونية تعود سلبا على المواطنين، مثلما حدث مع امرأة مطلقة وأم لطفلة من ضواحي العاصمة، تحصلت على حكم قضائي من محكمة الحراش يلزم طليقها، الذي يعمل شرطيا، بتوفير مسكن لها ولابنتها، أو دفع ثمن الإيجار، حيث تلقت الطليقة استدعاء من المحضر القضائي على أساس أن زوجها خصص لها مسكنا، تلقت عدة عراقيل من المحضر القضائي بسبب رفضه تسليمها المفاتيح، إلا بعد إحضارها لمحضر قضائي ثان يقوم بدلا منها بتسلم المفاتيح• تجاوزات المحضر القضائي تواصلت، فعوضا عن تحرير محضر بالتبليغ وتسليم المفاتيح للمعنية بالقضية، قام بتحرير إشهاد، إطلعنا على نسخة منه، وجاء فيه ما يلي : ''حضرت الطليقة إلى مكتبنا وقمنا رفقتها بزيارة السكن الموجود على مستوى الكاليتوس بتاريخ 30 جوان ,2009 حيث أبدت الطليقة تمنعا وترددا كبيرا، إذ لم تعجبها الأمكنة، طلبت منا الطليقة إجراء معاينة وتحرير محضر إثبات حالة للأماكن، الشيء الذي لم نستطع فعله، لكون طليقها زبون لدينا، فاقترحنا عليها تسليمها المفاتيح في حالة حضور محضر قضائي آخر للمعاينة، وضربنا لها موعدا لغد ذلك اليوم، ثم عادت في ذلك اليوم مساء من أجل أخذ المفاتيح ولم نكن بمكتبنا، عادت في اليوم الموالي لأخذ المفاتيح، وكان صاحب البيت قد تصرف في المسكن نتيجة نهاية آجال العقد العرفي ووجود بند يفرض دفع 6 أشهر متبقية، وفي حالة عدم التسديد يلغى العقد• ولم نستطع تنصيب الطليقة في الأماكن بسبب تماطلها وانتظارها لحين إنجاز محضر مضاد للأمكنة حتى تستطيع المحاججة به يوم الجلسة''• وقد علق الكثيرون ممن سألتهم ''الفجر'' عن قانونية منح المحضر القضائي مثل هذا النوع من الإشهادات، حيث وصف المحامي، خيار الطاهر، الإجراء بالتعسفي في حق المرأة المطلقة، في حين قالت المحامية، تونسي ضو فتيحة، إنه يجب على المحضر القضائي أن يكون حياديا لا أن يجعل نفسه خصما في الموضوع، كما أنه لا يحق له منح إشهادات للزبائن وإنما من المفروض أن يكون تسليم المفاتيح مع تحرير محضر عن ذلك، وليس الاشتراط على المرأة إحضار محضر ثان، قبل أن تتساءل عن السر الكامن وراء تعقيد أمور هذه المطلقة، بدليل أن المحضر عوضا عن تحرير محضر حسابات، قام بتحرير إشهاد، مخالفا بذلك قانون المهنة الذي يمنع تنصيب المحضر لنفسه كطرف في النزاع• وسبق أيضا لمحكمة حسين داي بالعاصمة أن حكمت لصالح زوجة مطلقة بتمكينها من ثمن إيجار للسكن أو توفير مسكن لائق، غير أن الطليق الذي قدم عقد إيجار صوري محرر من طرف وكالة عقارية صعب من مهمة المحضر القضائي الذي سعى لتنفيذ الحكم، حيث تبين له أن عنوان السكن وهمي، كونه غير موجود أصلا على أرض الواقع• وفي هذا الشأن، قالت مصادرنا القانونية إن المحضر القضائي كان من المفروض عليه التأكد من وجود عقد رسمي محرر لدى الموثق قبل القيام بتنفيذ الإيجار لصالح الزوجة المطلقة لتجنيب الزوجة الدخول في متاهات• في قضية ثالثة طرحت أمام محكمة سيدي امحمد، قام محضر قضائي بتبليغ أمر استعجالي لجار صاحب القضية، حيث ألزمته العدالة بإصلاح أرضية شقته التي تعد في الوقت ذاته سقفا للساكن في الطابق الأرضي، أي سقف صاحب القضية، هذا الأخير عانى كثيرا من قطرات المياه المتسربة عبر سقفه، حيث قام المحضر القضائي بتحرير محضر أثبت فيه أن الطرف الثاني قام بإصلاح أرضية شقته شهر جويلية، وهذا بالرغم من أن الأمر الاستعجالي الصادر لصالح صاحب القضية كان شهر أوت، والمحضر القضائي قام بتحرير محضر المعاينة شهر أكتوبر، أين أكد من خلاله أن الجار أصلح أرضية شقته قبل تسجيل القضية في الاستعجالي، في حين أن صاحب القضية تساءل عن خلفية قيام المحضر بهذا السلوك وتضييع حقوق زبونه، ولم يتمكن الزبون، صاحب القضية، من الحصول على الغرامة التهديدية لحد الساعة، كون القضية رفضت بسبب عدم وجود محضر امتناع كان من المفروض أن يحرره المحضر القضائي لصالح صاحب القضية• واعتبر العديد من المحامين أن 6 أشهر من التكوين، التي يتلقاها المحضر القضائي تعد غير كافية، بالإضافة إلى وجود محضرين قضائيين أضحوا يتدخلون في صلاحيات الآخرين من خلال قيام البعض منهم بإجراء مقاصات بالمكاتب دون رضا الزبون، حيث البعض منهم أميون يمضون على محاضر لا يستوعبونها قبل أن يجدوا أنفسهم يتخبطون في صراعات تصل إلى أروقة العدالة، خاصة وأن إجراء المقاصة هو من اختصاص القاضي وليس المحضر القضائي، الذي من المفروض أن يتقيد بالقوانين التي تحكمه• فالمحضر القضائي، حسب مصادرنا، بإمكانه إجراء مقاصة ودية مثلما يجيزه له القانون المنظم لمهنته، والتي تكون بشرح محتوى المقاصة للزبون وبموافقته فقط• كما أن الكثير ممن تحدثت إليهم ''الفجر'' في الموضوع أكدوا أن جهد وعمل المحامي في بعض القضايا يضيع أثناء قيام المحضر القضائي بعمليات التنفيذ، وعندما يكون سوء التنفيذ يضيع حق المواطن•