وتبدو ماليزيا نموذجاً آخر؛ وتفتح على أكثر من مناسبة للحالة العربية (شكلت الاستثناء بين 57 دولة عربية ومسلمة)، استندت إلى تحرير العقل والمعرفة، التركيب التعددي الإثني 25% أصول صينية كونفشيوسية المذهب، 20% أصول هندية هندوسية وبوذية المذهب، 55% ملاويين مسلمين وأقلية مسيحية، وسنغافورة أصول صينية انفصلت عن ماليزيا عام 1965 بعد استقلال ماليزيا بثلاث سنوات، في عملية الصياغة لسياساتها التنموية وبناء الدولة، وقد حققت تقدماً في نسيجها الاقتصادي - الاجتماعي القائم على التوازن الملموس في الرخاء، ودعم الروابط العرقية على مدار الأربعين عاماً الماضية، كما فعلت قبلها النمور الاقتصادية الآسيوية الناشئة في جنوب شرق آسيا، وخاصة بعد انتصار الصين الشعبية عام ,1949 والحرب الكورية - الأمريكية عام ,1954 وانتصار فيتنام عام ,1975 ثم دخولها على مسار سياسات تتناسب مع التغيرات العالمية، مثل العولمة وتحرير التجارة والتقدم التكنولوجي في مجال العلوم والاتصالات، لأن الدول لا تستطيع مواجهة التحديات إن لم تستطع إحراز المزيد من تحرير العقل نحو المعرفة وعلم التقدم والرخاء• إن استراتيجيتها تتركز في تحقيق النمو المدعوم والمستدام، لا سيما القدرة على المنافسة، والتي ستتحدد من خلال زيادة المعرفة ودعم القدرات التكنولوجية وإيجاد منتجات جديدة• والتأكيد على أهمية الاستثمارات المحلية والخارجية المدروسة• كما تضع في تحدياتها النمو الطويل الأجل على المستويين المحلي والعالمي، في سياق أوجه تطوير الرؤية الوطنية وأساسها اقتلاع جذور الفقر، بغض النظر عن الانتماء العرقي، وإعادة هيكلة المجتمع والتنمية المتوازنة، وتطوير المعرفة، وبناء دعم وصمود الدولة من خلال توثيق الوحدة في النسيج الوطني، وغرس الروح الوطنية، والتسامح الإثني والديني على قاعدة المساواة في المواطنة، ودعم التنمية السياسية البشرية ورفع مستوى المعيشة، وتطوير الاقتصاد القائم على المعرفة• وبكلمة فإن ماليزيا بتحرير العقل دخلت الثورة الصناعية والعلمية، وهي الوحيدة بين 57 دولة عربية ومسلمة التي دخلت عصر الثورات الثلاث: الصناعية، العلمية، الإصلاح الديني، ثورات الإبداع والاختراع• تجربة تطور ماليزيا جرت تحت حكم الحزب الواحد وحكومة مهاتير محمد على مساحة أكثر من ثلاثين عاماً، وعندما غادر الحكم بكى قائلاً: ''إنني لم أفعل الكثير لشعب مالاوي الأصليين فلا زال الفقر واسعاً نسبياً، لكن البنية التحتية واعدة جداً''•