يتوزّع الأطفال العاملون والذين حرموا من التمتع بالعطلة الصيفية التي لا يملكونها في قاموس حياتهم بسبب الفقر الذي يعيشونه، على مستوى مختلف ورشات البناء والمحلات التجارية وكذا بيع الخضر والفواكه على قارعة الطريق• وحسب بعض الأولياء الذين تحدثت إليهم جريدة ''الفجر'' ببلدية ''مكيرة'' المتواجدة بأعالي جبال ولاية تيزي وزو، فإن أبناءهم بمجرد انتهاء السنة الدراسية يخرجون للبحث عن العمل لمساعدة عائلاتهم في تأمين مصروف البيت• ومن جهة أخرى، عبّر لنا بعض الأطفال عن استيائهم من هذه الأوضاع المزرية التي يعيشونها، إلا أنهم -كما يقولون- لا يملكون خيارا آخر، فهم يقبلون بأي عمل حتى الأعمال الشاقة في ورشات البناء تحت لفحات الشمس المحرقة• فهم يتحمّلون مسؤوليات أكبر منهم بكثير، كما أن أجسادهم النحيفة التي لا تعرف معنى الراحة لا تقوى على تحمّلها• وأضاف العشرات من الأطفال أنهم يلجأون للاسترزاق عن طريق ''الحمالة'' في الأسواق مقابل مبالغ مالية بخسة لا تتجاوز مائتي دينار جزائري، وبعض الخضر التي يجود بها التجار عليهم أحيانا، معرضين أنفسهم بذلك إلى مخاطر كثيرة لا تحمد عقباها• أما فريق آخر منهم فقد فضّل العمل بالمقاهي والمطاعم، حيث يُستغلون أبشع استغلال من الساعة السابعة صباحا إلى العاشرة ليلا مقابل أجرة لا تتجاوز خمسة آلاف دينار شهريا• وأكد لنا هؤلاء أنه لولا الحاجة لما قبلوا بذلك• وعلى صعيد آخر، فإن الكثير من الأطفال في ذات البلدية النائية يضطرون للخروج باكرا من منازلهم في رحلة البحث عن المياه الصالحة للشرب التي أصبحت شغلهم الشاغل والدلاء رفيقهم الدائم الذي لا يفارق أيدي البراءة على الرغم من ثقلها، بسبب انقطاع المياه لفترة زمنية طويلة، مما يستوجب التزود بها من الآبار والينابيع• وما زاد الطينة بلة تدهور الطرقات إضافة إلى المسالك الجبلية الوعرة التي ضاعفت من معاناة هؤلاء، في ظل الغياب التام للسلطات المعنية•