وهو ما كشف عنه العديد من عمال وموظفي مصالح الشؤون الاجتماعية ل''الفجر''، الذين طالبوا بإرفاق ''شهادة عدم العمل'' ضمن وثائق الاستفادة، وضرورة إجراء تحقيق اجتماعي استعجالي ميداني قبل توزيعها على مستحقيها لتصفية قوائم المستفيدين من الدخلاء والانتهازيين، خاصة وأن الغلاف المالي المخصص لها تعدى 2 مليار دينار موجهة إلى قرابة 6 ملايين فقير ومعوز• خصّصت الحكومة الجزائرية قبل حلول شهر رمضان لهذا الموسم غلافا ماليا لقفة رمضان، قدر ب2 مليار دينار و75 مليون سنتيم، في إطار العملية التضامنية التي صارت تقليدا تشرف عليه وزارة التضامن الوطني، غير أن توزيع المساعدات على المعنيين كشف عن عدة تجاوزات، حيث أسفر تحقيق قامت به مصالحها عبر الولايات عن اكتشاف 72 ألف معوز مزيف تم حذفهم من العملية التضامنية، وإثرها طالب وزير التضامن بإلغاء عملية قفة رمضان واستبدالها بصك مالي تصل قيمته إلى 6 آلاف دينار يقدم لمستحقي قفة رمضان هذه السنة، لكن الوزير الأول، أحمد أويحيى، تريث وطالب بدراسة هذا الاقتراح والإجراء مع تطهير قوائم المستفيدين المؤهلين للعام المقبل• وفي هذا الإطار، عبر العديد من عمال وموظفي الشؤون الاجتماعية ببعض البلديات في بعض الولايات الوسطى، التي زارتها ''الفجر''، عن استيائهم وقلقهم وتخوفهم الشديد إزاء الغموض الذي يكتنف عملية التحضير لقفة رمضان وتوزيعها، خاصة وأن الأشخاص الذين أودعوا ملفات الاستفادة منها لدى مصالح الشؤون الاجتماعية بالبلديات ''شهادة ميلاد، شهادة عائلية للحالة المدنية، صورة شمسية''، وباعتراف أحد موظفي الشؤون الاجتماعية الذي يشتغل ''صيغة عقود ما قبل التشغيل'' في إحدى بلديات ولاية عين الدفلى، فإن فلاحين يملكون آلات حصاد، جرارات وشاحنات ظهرت أسماؤهم في قوائم المستفيدين من ''قفة رمضان'' لهذا الموسم• وتعجب ذات الموظف المغلوب على أمره لما قال إن رئيس المصلحة والمنتخبين المحليين على علم بذلك، بمن فيهم رئيس المجلس الشعبي البلدي، لكن لم يتخذوا أي إجراء ضد هؤلاء ولم يكلفوا أنفسهم عناء استدعاء هؤلاء للحديث معهم وإعلامهم بأن قفة رمضان مخصصة فقط للفقراء والمحتاجين دون غيرهم، لكن ذلك لم يحدث، ووصل عدد الذين تضمنتهم القائمة في هذه البلدية، على سبيل المثال، حسب ذات الموظف، إلى قرابة 900 شخص الى حد الآن ، مع العلم أن محتويات القفة تتكون من: 1 كلغ حمص، 1 كلغ كسكس، علبة قهوة، 1 كلغ سكر، علبة طماطم، قارورة 1 لتر زيت، وطالب ذات الموظف من السلطات بضرورة ارفاق ''شهادة عدم العمل'' مع الوثائق المقدمة للتسجيل على أن يتبع بإجراء تحقيق اجتماعي ميداني للتأكد من الأحوال المادية للمستفيدين وفي زيارة قادت ''الفجر'' إلى بلدية أخرى تقع في مرتفعات جبال زكار، التقينا بموظفة أوكلت لها مهمة تحضير قوائم المستفيدين من ''قفة رمضان'' لهذا العام، فقالت إن ''الأشخاص الذين تقدموا بملفاتهم لتسجيل أنفسهم للحصول عليها يمارسون نشاطات حرة بين تاجر وأصحاب أكشاك وحتى موالين، تعجبت في المرة الأولى من الأمر، لكن لما عرضنا الأمر على رئيس البلدية ونائبه جاء رده مهمتكم تسجيل الأشخاص فقط''، وتضيف الموظفة التي بدت غاضبة نوعا ما أن رئيس المجلس الشعبي لذات البلدية قام منذ أيام بزيارة إلى العاصمة قصد الحصول على مساعدات لفائدة المعوزين والمحتاجين، لكن الأمر هنا يمثل تناقضا بعينه، وقدرت ذات الموظفة التي رفضت الكشف عن هويتها، هي الأخرى، أن قائمة المستفيدين وصلت إلى 190 مستفيد• أما بولاية تيبازة، وفي إحدى البلديات الواقعة على طول الطريق الرابط بين مدينتي ''العفرون - حجوط''، ذكر أحد موظفي الشؤون الاجتماعية ل ''الفجر'' أنه على مر السنوات الكاملة التي شهدت عملية توزيع ''قفة رمضان'' استفاد منها أشخاص ميسوري الحال، منهم تجار، فلاحون وحتى أقارب المنتخبين المحليين، وهذا بعلم الجميع، وحتى هذه المرة تضمنت قائمة الأشخاص المسجلين للاستفادة من ''قفة رمضان'' موظفين وأصحاب مهن حرة• في ذات السياق، قال أحد موظفي الشؤون الاجتماعية بإحدى البلديات بولاية البليدة ل ''الفجر'' أنه'' يستحيل في الوقت الحالي ضبط عملية توزيع ''قفة رمضان'' ومراقبتها وتحديد الأشخاص المستحقين لها في ظل استمرار الجشع وغياب القناعة لدى بعض المواطنين الذين يستغلون مثل هذه المناسبات للظفر بما لا يحق لهم تحت ذريعة الغبن والفقر''• وبخصوص هذه الاستفادات المشبوهة بغير وجه حق، قال المستشار الإعلامي لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، عدة فلاحي، أنه مرفوض الاستفادة من عمليات التضامن التي تخصص لها الحكومة ملايين الدينارات• وأوضح المتحدث أمس، في اتصال مع ''الفجر''، أن ''الأئمة في كل مرة يذكرون بمثل هذه الأمور، لكن الغالب أن سلوكات بعض الجزائريين لم ولن تتغير وبقيت على حالها''، داعيا في ذات السياق الأئمة إلى ضرورة التحسيس والتوعية وحث المواطنين على تفادي التحايل والاستغلال للحصول على قفة رمضان• ومن المعروف أن الأئمة مطالبون برفع الحرج عن المعوزين وحفظ ماء وجههم وعلى هؤلاء التضامن فيما بينهم•