بدأت معالم مهنة الوسيط القضائي تتضح بعد مرور سبعة أشهر من استحداثها في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الذي دخل حيز التنفيذ شهر أفريل المنصرم، حيث بدأت أصوات عدد من الوسطاء القضائيين تتعالى للتنبيه للخطر الذي أصبح يهدد مصير المهنة على خلفية أن المشرع منح الاختيار الكامل للمتقاضي لإبداء قبوله بالموافقة من عدمه إزاء اقتراح القضاة• وفي هذا الصدد، بدأت أصوات تطالب بضرورة إصدار قانون يلزم ويجبر المتقاضي بقبول الوساطة القضائية دون فسح المجال أمامهم للاختيار، وهذا على أساس أن المتقاضي كثيرا ما يسمع لرأي دفاعه بخصوص رفض الوساطة القضائية• وفي هذا الشأن، سبق ل ''لفجر'' أن أشارت في عدد سابق إلى موضوع الوساطة القضائية وكيف تم انتقادها من كونها ''ليس من ورائها أية جدوى ترجى وأن دورها كان سيكون ذا قيمة في حال عدم قيام الطرفين المتنازعين، أو أحدهما، بتوكيل دفاع• وانصب بعض المتقاضين ممن التقتهم ''الفجر'' والذين يرفضون اقتراح القضاة تعيين وسطاء قضائيين لهم، على أساس أن الوساطة سيكون مفعولها ناجعا وأفضل قبل وصول القضية إلى أروقة العدالة، وليس بعد تسجيل القضية أمام المحكمة المختصة، مثلما هو معمول به في القضايا العمالية التي تشترط اللجوء إلى مفتشيات العمل كإجراء أولي قبل اللجوء إلى العدالة• وبخصوص الاتهامات الموجهة إلى أهل الدفاع حول كونهم السبب في عزوف المتقاضين عن القبول بالوساطة القضائية، قال المحامي مهدي عمر إن موكله له كل الحرية في قبول أو رفض تعيين الوساطة القضائية، مضيفا أن مهمته تنحصر في شرحه لإجراءات الوساطة، بعد أن يبدي موكله عدم معرفته بهذا الإجراء الجديد والمدة التي تتطلبها هذه العملية• أما المحامية ضو تونسي، اعتبرت هذه التهمة غير مؤسسة على أساس أنها كثيرا ما قبلت تعيين وسطاء قضائيين في القضايا التي ترافع فيها، مضيفة أنها لا يمكنها التدخل في حرية موكليها بخصوص قبول أو رفضهم• في حين يضيف المحامي لخلف شريف أن ما يروج عن المحامين هو بمثابة تصريح خطير يمس بمهنة المحاماة، وكذب هذه الادعاءات من باب أنهم كدفاع كثيرا ما قبلوا بهذا الإجراء القانوني لأنه يهدف إلى التقليل من الضغط على جدول المحاكم• يذكر أن الجزائر انتخبت بصفة عضو في مجلس إدارة هيئة منظمة المؤتمر الدولي للوساطة القضائية ممثلة في شخص السيدة فتني منار، وكذا السيد مكي مساحل، الذي تم انتخابه بصفته عضوا في المجلس العلمي لذات الهيئة، وكلا الشخصين وسيطان قضائيان لدى مجلس قضاء البليدة• كما حضر الندوة الدولية حول الوساطة القضائية بباريس بتاريخ 16 و 17 أكتوبر الفارط 250 مندوب مثلوا مختلف دول العالم•