هل تقتل أنفلونزا الخنازير من الجزائريين أكثر مما يقتل أي مرض أخر مثل السرطان مثلا أو نوبات الربو والسكري أو القصور الكلوي وغيرها من الأمراض المزمنة كالسل مثلا، الذي صار يفتك بالجزائريين رغم أنه من العار أن نتحدث في القرن الواحد والعشرين بعد قرنين من اكتشاف مصل اللقاح ضد السل، مازال الجزائريون يموتون بهذا المرض الآتي من العصور الوسطى•• وهل الزوبعة الإعلامية والهلع الذي بدأ ينتاب الجزائريين مبني على مخاوف حقيقية؟ أم فقط استغلت الأطراف المشرفة على قطاع الصحة الحملة الإعلامية التي يقودها الإعلام الغربي الذي له مصالحه مع المخابر المنتجة للقاح لتحقيق مكاسب، ربما تكون أطراف جزائرية لها هي الأخرى مصلحتها أو بالأحرى نصيبها من الكعكة• أم تراه وزير الصحة الذي عجز عن بلورة سياسة صحية متوازنة ومتكافئة اختفى وراء ذلك واستجاب للضجة الإعلامية فسارع لاستيراد بآلاف الملايير أمصال، لا أحد أثبت مفعولها بعد •• وماذا عن مخزون اللقاحات الأخرى كالشلل؟ هل لدينا ما يكفي حاجتنا، أم مازلنا نعاني عجزا، ولا أحد يتكلم، لأن كل الأضواء مسلطة على المرض الشهير، وبأي حق نولي عناية أكثر لهذا الوباء على حساب الأوبئة الأخرى؟ لماذا نلجأ إلى التلقيح مادامت حملة توعية واسعة للوقاية منه تؤدي نتيجة أحسن وبتكاليف أقل، ونقتصد من فاتورة استيراد هذا اللقاح إلى أولويات صحية• فأدوية السرطان أو الربو أو السكرى تعرف ندرة، والمحتاجون يعانون الأمرين لإبلاغ صوتهم إلى الوزارة المعنية لتوفير حاجياتهم من الأدوية باهظة الثمن• ألم يحن الوقت لنفتح نقاشا حول السياسة الصحية في الجزائر التي مرت من التبذير من خلال الاستيراد المفرط للأدوية، إلى الإهمال الشامل للمؤسسات الصحية العمومية، مرورا بفتح الباب أمام السوق السوداء والمضاربين في استيراد الأدوية والخواص الذين أدخلوا فوضى غير مسبوقة على القطاع من خلال الانتشار العشوائي للعيادات الخاصة التي تبتز المواطنين دون تقديم خدمات صحية في المستوى •• قد تشكل الأنفلونزا اللعينة خطرا على الصحة العامة، لكنه لا يجب أن نركز كل الاهتمام والجهود عليها ونهمل الأوبئة الأخرى والأمراض المزمنة التي تصيب مئات الآلاف سنويا• أخاف أن يكون في القضية بزنسة وتلاعبا بالمال العام ليس إلا••