قلت للزميلة الإعلاميّة حدة حزام، خلال دردشة ودية جمعتنا مؤخرا في مكتبها ونحن نتحدث عن آخر تداعيات ضجة المجاهدة جميلة بوحيرد، إنني شعرت بحزن كبير وأنا أطالع كتاب السفاح مارسيل بيجار، لماذا؟ ببساطة شديدة أقول إن بعد صدور كتب أوساريس وساسة فرنسا الآخرين، مدنيون كانوا أم عسكريون، عن تاريخهم المجيد منذ طردهم من جزائر بن مهيدي وبوحيرد وعبان رمضان وعميروش ومن جزائر الإرهابيين الذين أكلوا أبناءهم بعد الاستقلال كما قالوا في عز العشرية السوداء••• مازالت مسيرة التشبث بإنجازاتهم الحضارية والعسكرية في الجزائر تشكل مادة سياسية وثقافية تصنع الحدث بدعم من الآلة الإعلامية الباريسية التي مازالت لم تهضم جزائر الإستقلال• موازة للسكوت المطبق لأسباب سياسية لا تسمح بكتابة تاريخ الثورة، حتى تنقرض أجيال الاستقلال والحرافة والرشوة والفساد العام والتخاصم حول أحقية خرجة بوحيرد•• ها هو أحد أكبر وأشهر السفاحين الفرنسيين الذين نكلوا بشهداء ومجاهدي الثورة التحريرية يتشدق أكثر من أي وقت مضى بسلامة موقفه حيال الإرهابيين الجزائريين الذين يمارسون في تقديره نفس أساليب إرهابيي القاعدة اليوم، الأمر الذي يفسر أهمية الإضافة الفكرية النوعية التي تبرر نشر كتابه التنويري• الخرافة الحية أو رمز مقاومة الارهاب في الهند الصينية وجزائر الفلافة الإرهابيين، كما كتب عنه أحد الصحفيين في مجلة معروفة بسموممها التاريخية ضد الجزائر•• لم يمنعه خرفه بعد أن بلغ سن الرابعة والتسعين من تأكيد صحة ما فعله في الجزائر تجسيدا لواجبه الوطني ولتقنيات محاربة الإرهاب، وبحثا عن مجد جديد في سياق عالمي أصبح فيه نضال الشعوب إرهابا، تماما كما حدث بالأمس القريب في جزائر بيجار الفرنسية التي أصبحت جزائرية رغم أنفه بفضل ثوار وليس إرهابيين • في كتابه ''الجولة الإخيرة'' الصادر عن دار دو روشيه في 274 صفحة•• كرر أنه لم يخطئ في جزائر الواجب الوطني الفرنسي وسخر من الذين وصفوه، مثلي، بالجزار أو السفاح، أوالذين اتهموه بممارسة التعذيب، ورد عليهم قائلا بالصورة التي أظهرته ملاكما يرفض الهزيمة وبالكلام الذي لايتردد في التبجح به دون ملل وكلل، وحتى يتحدى الجميع بكبريائه وبقوته العضلية رغم تقدمه في السن رد على أعدائه أمام عدسة الكاميرا في صورة ملاكم قائلا حرفيا: - سيذوق من لكمتي اليمنى كل من يتهمنى بأنني قمت بممارسة التعذيب في الجزائر، وليعلم الجميع أن ليس لدي ما أخفيه من جثث بداخل الخزانة وكل ما يهمني هو فرنسا - • في عز زمن المتاجرة الساركوزية بالإسلام والمهاجرين•• جاء كتاب بيجار ليكشف عن الحس الإستعماري الواحد الأوحد بلغة تذكرنا بقانون 23 فبراير المجدد للإستعمار، أو لما سمي بالدور الإيجابي للاستعمار والهوية الوطنية المرادفة لجمهورية استعمارية، هي التي دفعت بيجار اليوم إلى أن يشهد في كتابه السادس عشر على أن بشاعة أفعاله في الجزائر لم تكن إلا واجبا وطنيا ضد أعداء الحضارة والمدنية، وكما ادعى أن فئة قليلة متمردة وإرهابية هي التي أرادت محاربة فرنسا باسم الله أكبر•• يكرر اليوم محذرا بإن متمردي الإسلام الجدد لا يُقهرون إلا بالنهج الذي طبقه على فلافة جبهة التحرير، وهذا الأسلوب هو الحل الوحيد في تقديره لمحاربة القاعدة الزاحفة في أفغانستان وإفريقيا والباكستان والشرق الاوسط - ويعني فلسطين - ومو ريطانيا والجزائروفرنسا - وحتى لا يظهر في حلة الداعي إلى الحرب - أضاف يقول ''لست من دعاة الحرب بصفة آلية لأنني عسكري ولكن لا نستطيع أن نبقى مكتوفي الايدي أمام ممثلي الخطر الجهادي الذين يريدون تحويل الكوكب الأرضي إلى خلافة إسلامية واسعة•• إنني على استعداد للمشاركة في حرب قائمة ''• الجنرال ليس قاسي القلب، كما يعتقد الجزائريون، لأنه تألم لأسر وزوجات وخطيبات العساكر الغربيين الذين سقطوا في كابول، والواجب يقتضي على أمثاله اتخاذ قرارات غير شعبية، على حد تعبيره، من خلال تعزيز التواجد العسكري الغربي في أفغانستان كما فعل أوباما الذي استحق تحيته خلافا لساركوزي المتردد في تقديره وفي مواجهة الإرهاب لايجب الاكتفاء بالتخندق في الثكنات، والانتشار في الميدان هو الأساس، كما فعلنا في معركة الجزائر، على حد تعبيره• دليله لمحاربة واضعي القنابل والعصابات الذي كتبه عام 1956 في الجزائر كان مرجعه الأول والاخير• فهل تخرج جميلة بوحيرد عن صمتها بعد شفائها بحول الله وترد على بيجار الذي أهانها باسم واجب وطني رفضت أن تقوم به إلى حد الآن، والذي يجب أن يكشف أولئك الذين حققوا ثروة باسم الثورة خلافا لها• لا خيار أمام جميلة، بعد اليوم، إذا أرادت أن ترحل ثورية حقا كما عاشت من أجل الجزائر قبل الإستقلال الذي يبدو أنه لم يكن جميلا كما تمنت، على حد تعليقها، على التي أبلغتها بأنها أسمت ابنتها جميلة • باريس/ بوعلام رمضاني