تعمقت مساء أول أمس سلسلة الاعتداءات التي تتعرض لها المساجد في الشهور الأخيرة موازاة مع النقاش الدائر حول الهوية الوطنية بعد العبارات العنصرية التي كتبت على جدران مسجد مدينة كريببه أو فالوا التابعة لضاحية ألواز شمال شرق باريس، ويجدر الذكر أن الاعتداء الجديد جاء مباشرة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس ساركوزي الأسبوع الماضي إلى مقبرة نوتردام دوفلورات التابعة لمقاطعة ألبا دوكاليه بشمال فرنسا حيث يرقد العشرات من الجنود المسلمين الذين سقطوا خلال الحرب العالمية الأولى دفاعا عن فرنسا. السيد محمد موساوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي كان رفقة الرئيس الفرنسي إلى جانب عبدالله زكري ممثل مسجد باريس في المجلس، نددا بالاعتداء العنصري والإسلاموفوبي الجديد وطالبا الرئيس الفرنسي باتخاذ الاجراءات اللازمة لردع الجهات التي تقف وراء الظاهرة التي تتفاقم من يوم لآخر، وذكر السلطات الفرنسية المعنية بأن الاعتداء الجديد لا يخرج عن نطاق الانحراف الخطير الذي عرفه النقاش حول الهوية الوطنية، كما سبق وأن شرح ذلك عبد الله زكري في الحوار الذي أجرته معه “الفجر“ قبل أيام، وعبر زكري بالمناسبة عن تأسفه باسم المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ومسجد باريس عن عدم استجابة اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة سبل منع ارتداء البرقع على ترددها في الدعوة إلى محاربة الإسلاموفوبيا، في تقريرها النهائي من باب تجسيد دعوة الرئيس ساركوزي إلى حماية المسلمين، على حد تعبيره، في أكثر من مناسبة. ويعود تاريخ الاعتداءات الإسلاموفوبية الأخيرة إلى شهري ديسمبر وجانفي اللذين عرفا تدنيس مقبرتي كاستر الواقعة في مقاطعة الطارن وبزييه الواقعة في مقاطعة الإيرو، واللافت للانتباه أن الاعتداء الذي تعرض له مسجد كريبيه أو فالوا قد جاء كرد فعل على الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي لمربع مقبرة الجنود المسلمين الواقعة في مقاطعة البا دوكاليه شمال فرنسا فهل سيرفع هذا التحدي أم سيستمر في التصريح بحماية المسلمين دون القيام بأي إجراء عملي حتى يفوز أنصاره في الانتخابات الجهوية التي دخلت مرحلة العد التنازلي هذه الأيام. وفي سياق الأجواء العنصرية الطاغية في فرنسا النقاش حول الهوية الوطنية، لم يتردد مساء أول أمس عمدة مدينة فرونكوفيل الساركوزي من إثارة ضحك أتباعه الذين جاءوا لمساندته ضد المرشح الاشتراكي علي سوماري، مالي الأصل، بقوله إنه يصلح للعب في فريق باري سان جيرمان المكون من لاعبين كلهم سود البشرة، الأمر الذي يذكر بتصريح لوبان عن لاعبي الفريق الوطني الفرنسي. الاعتداءات التي تتعرض لها المساجد هذه الأيام تعد في نظر المعارضة الاشتراكية نتيجة منطقية للمجرى العنصري والسياسوي الذي أصبح يطبع النقاش حول الهوية الوطنية من خلال الخلط المتعمد بين الإسلام والبرقع من ناحية، وبين الهجرة والإسلام من ناحية أخرى، في إطار إيديولوجي أوسع. وحسب استطلاع نشرته الصحف الفرنسية أول أمس فإن 53 بالمائة من الفرنسيين يعتقدون بأن النقاش حول الهوية الوطنية قد أثير من أجل هدف انتخابي محض.