كثيرا ما ينتهي خط التذمر النخبوي عندنا إلى عدم وجود مشروع مجتمع متكامل، من شأنه أن يرفع عن هذا المجتمع وجعه الممتد من القمامة المنزلية إلى القمامة السياسية مروراً بكل ما يمكن رصده في طريق العودة من سيول لاحضارية جارفة فهل المشكل بالفعل أننا لا نملك مشروع مجتمع متكامل؟؟ ومن الذي يمكنه تبني مشروع مجتمع؟؟ هل تعني الكلمة مجاز معين أم أنها تقصد بالفعل مشروع مجتمع تماما كما نقصد يقولنا مشروع بناء حديقة. قد يبدو غريباً أن يتحدث مثقفونا طويلاً عن مشروع بناء مجتمع.. لأن المجتمعات لا تبنى ولا تخلق في ليلة وضحاها.. المجتمعات هي امتداد تاريخي لا يمكن البتّة اللعب في ساحاته المسكونة بالذاكرة والتاريخ. ويمكننا أن نلاحظ ذلك في عدد من التسميات.. مثلا نقول مجتمع زراعي أو صناعي أو حتى معلوماتي ونحن لا نقوم بخلق المجتمع وإنما نضيف له صفة جديدة.. كما أننا عندما نعود إلى القرن الخامس عشر.. أمريكا لم تخلق مجتمع وإنما استوردت مجتمع.. حتى إسرائيل لم تبني مجتمع في فلسطين وإنما جمعت أجزاء مجتمع له مكوناته التاريخية والدينية. لذا هل يعقل أن نتحدث عن ضرورة بناء مجتمع، بعقلية المسح وإعادة الرسم؟ ونتطاول عن قماماتنا التي نحن أصحابها، ربما لا يحدث ذلك أبدا ونخن نفكر في الكل الكبير الذي يتفوق علينا بسلطة “هكاك” نحن نردد كلمة هكاك وكأنها الحتمية التي تحكمنا. نحتاج كي نتخلص من القمامة إلى عملية تجميع.. وبذات الجمع علينا أن نجمع قدراتنا المترامية لأن عملية بناء المجتمع كما تزعم الكلمات الكبيرة ما هي إلا عملية جمع أولا لذواتنا ثم لأصدقائنا ثم لخبراتنا وبعدها للهرمية التي تمثلنا أمام المجتمعات العالمية. ولكن كيف نجمع ذواتنا ونحن ننكر الهوية تماما كما تلك العجوز التي همت بتقبيل حفيدها وهي تقول” يا ربي وشحال شباب وليد بنتي سبحان الله كيما الڤاوري” لا أعتقد أنني سأواصل بناء رؤيتي بعد هذه العجوز الشمطاء. هاجر قويدري