عندما قرأت ما أوردته جريدة "الوطن" صباح أمس على لسان نجل الشهيد عميروش، حيث اتهم نور الدين عميروش العقيدين بوصوف وبومدين بالتواطؤ مع الفرنسيين في تصفية والده! هكذا والله! ولسنا ندري كيف يتعامل الرأي العام مع مثل هذه الاتهامات الخطيرة!؟ خاصة من نجل شهيد كبير بحجم عميروش؟! أولا: الثورة الجزائرية لم يقم قادتها تحت أي ظرف بالتعامل مع الاستعمار لتصفية خصومهم.. فكان الثوار يقومون بتصفية الخصوم بأنفسهم ولا يوكلون هذه المهمة للفرنسيين تحت أي ظرف! حدث هذا مع بعض قادة الولاية الرابعة والولاية الأولى ومع عبان رمضان ومع عقداء الحدود..! ولم يحدث غيره أبدا.. وحتى العقيد عميروش صفى من صفى في الولاية الثالثة ولم يسمح لنفسه بأن يفعل ذلك بالتنسيق مع الاستعمار.. فلماذا يفعل غيره ذلك؟! ثانيا: عميروش نفسه - رحمه الله - لم يلتق في حياته ببومدين ولا ببوصوف، حسب شهادة الرئيس "الأسبق" علي كافي.. فمن أين جاءت هذه العداوة التي تتركهما يحقدان عليه إلى حد بيعه للاستعمار؟! وإذا كان بومدين يحقد على عميروش إلى هذا الحد فلماذا تسمى باسمه الشوارع والثانويات بعد الإستقلال! وهو ينكل بجثمانه كما يقول نجله؟! ثالثا: قيل إن الفرنسيين نصبوا كمينا للمرحوم ومعه الحواس في جبيلة ثامر بعين الملح وهو في طريقه إلى تونس.. والحقيقة أن الأمر لم يكن كمينا بل كانت معركة استمرت اليوم كله، وسقطت فيها طائرات.. وقد زرت المكان شخصيا عام 1975 صحبة الرائد غنتار محمد - رحمه الله - نائب سي الحواس في الولاية السادسة.. وكان غنتار وقت المعركة في جبل بوكحيل المقابل لجبيلة ثامر .. ولم يكن يعرف أن الأمر يتعلق بمعركة مع كتيبة سي عميروش وحراس سي الحواس! وحتى فرنسا نفسها عرفت الأمر بعد انتهاء المعركة! رابعا: القيادة في تونس لم تكن تعرف الطريق الذي سيسلكه عميروش إلى تونس حتى تبلغ عنه فرنسا.. وشهادة علي كافي في كتابه تدل على ذلك، فحتى البرقية التي أرسلتها قيادة الثورة من تونس إلى عميروش كي يحضر إلى تونس أرسلت عن طريق الولاية الثانية.. واستلمها كافي وأرسلها لعميروش عبر مرسول خاص وقال له إنه بانتظاره في شبه جزيرة القل ليذهبا معا إلى تونس ..! ولكن نفس المرسول الذي حمل البرقية لعميروش من كافي إلى عميروش حمل رسالة من عميروش إلى كافي يقول فيها عميروش لكافي: لا تنتظرني فإنني سأسلك طريقا آخر إلى تونس..! وقد اضطرت قيادة الثورة في تونس إلى المرور على كافي لتبليغ عميرش بالحضور إلى تونس.. لأن راديو عميروش كان لا يعمل بسبب وفاة الفنيين المشغلين للراديو في أزمة " الكامبلو" بالولاية الثالثة! خامسا: استدعاء قادة الولاية في الداخل من طرف قيادة الثورة كان بسبب الأزمة التي نشبت بين الحكومة المؤقتة والأقوياء في هذه الحكومة وهم الباءات الثلاثة، فقرروا الاحتكام إلى عقداء الداخل لفض النزاع..! وقد استمرت الأزمة 90 يوما ولم تعلم بها فرنسا ولا بالطريق الذي يسلكه عميروش وتنصب له الكمين في بوسعادة! لكن لماذا تثار مثل هذه المسائل الخطيرة في هذا الوقت الحساس؟! وهل يحتاج الشهيد عميروش ابن جمعية العلماء إلى مثل هذه الأمور في هذا الظرف؟!