أصبحت ظاهرة عمالة الأطفال منتشرة بأسواق تندوف، حيث يتم استخدامهم في بيع الخضر والفواكه، لاسيما الأطفال المسرحون من مقاعد الدراسة، نتيجة ظروفهم الإجتماعية المزرية، حيث يجد هؤلاء في بيع الخضر أو التبغ عبر الطاولات المنتشرة بالمدينة وسيلة لكسب لقمة العيش تنقلت “الفجر” عبر المناطق التي يكثر فيها تواجد الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.. البداية كانت بسوق “الموبايل” وهو فضاء للممارسة التجارية على الهواء لجهاز الهاتف النقال بالسوق الأسبوعي للمدينة، أين يتم عرض مختلف أجهزة الهاتف النقال، ويكون الأطفال في معظم الأحيان “أبطال” هذه التجارة التي تتم عن طريق استبدال جهاز بآخر مع إضافة بعض النقود.. هكذا قال لنا محمد، وهو طفل لا يتجاوز عمره 14 سنة، لم يكمل دراسته الإبتدائية نتيجة الفقر والظروف الإجتماعية القاسية للعائلة المكونة من 10 أفراد جلهم لا يشتغل ماعدا محمد الذي يسخر من طرف الغير لبيع الهواتف النقالة بالسوق أو في شارع السلام عليكم.. وهو فضاء آخر أكثر حركية كبيرة يتم خلاله بيع كل أنواع الهواتف النقالة أو استبدالها. وهناك التقينا مع العديد من الحالات.. نورالدين 14 سنة، لم يكمل دراسته وفضل العمل الحر مرة هنا ومرة هناك، كما قال، ومعظم الأوقات يقضيها في طريق السلام عليكم، للبحث عن لقمة عيش تجنبه السرقة أو الاحتيال.. هكذا قال ل “الفجر” وهو واثق بأن ما يجمعه في اليوم من الدينارات لا يكفي لسد حاجيات إخوته.. إذ يضطر إلى العمل كبائع للألبسة المستعملة بالسوق الأسبوعي أين يتحصل أحيانا على مصروف، وأحيانا أخرى لا يجني سوى أشعة الشمس التي تلسع جسمه الهزيل. سوق الخضر والفواكه وجهة الأطفال المفضلة دخلنا السوق الخاصة بالخضر والفواكه فوجدنا أصنافا متعددة من الباعة، وجلهم أطفال يبيعون النعناع على قارعة الطريق. اقتربنا من أحدهم يبدو عليه التعب.. سألناه عن سعر رزمة النعناع، فأجاب أنها ب 50 دج، قلنا له أن الثمن باهظ، فأجابنا أنه يتلقى المصاعب والمشاق من أجل الإتيان به من بشار على مسافة 800 كلم من أجل لقمة العيش، لأنه يعيل أسرته بعد وفاة والده الذي ترك أطفالا صغارا.. حالات كثيرة لأطفال يصارعون الحياة وهم في عمر الزهور بعد أن لم يوفقوا في التحصيل الدراسي، سألنا أحدهم: ألم تفكر في التكوين، قال: أنا ما زلت صغيرا للإلتحاق بالمركز.. سأعمل بجهدي، غدا سأبيع الخضر مع أحد تجار الجملة.. ظاهرة جر العربات حرفة الأطفال الفقراء ضمن رحلة الأطفال صوب جمع مصادر الرزق، وجدنا عينة أخرى من الأطفال اختارت سوق العربات التقليدية لجلب الماء الصالح للشرب أو استعمالها لنقل البضائع من السوق المحلية، ولهؤلاء زبائن كثيرون يفضلون نقل أمتعتهم وبضائعهم بحثا عن الثمن الرخيص، وأغلب هؤلاء الأطفال أميون لم يدرسوا إطلاقا، يجدون في العربة التقليدية مصدرا أساسيا لعيشهم، ومن هؤلاء خطري، قال إنه لا يعرف الكتابة ولا القراءة، وجد نفسه يقود عربة مع حمار تركهما له والده.. أشياء كثيرة يحلم بها خطري، منها الحنين إلى التعلم والثراء والإستقرار في كنف مجتمع سموح قادر على احتضان الأطفال وضمان لهم حياة كريمة. مظاهر متعددة لمأساة أطفال صغار دفعتهم ظروف الحياة القاسية ومحدودية الإمكانيات إلى العمل بأرخص الأثمان، في غياب من يحتويهم ويضمن لهم مستقبلهم الذي يبقى بين فكي الأسواق، وشبح الآفات الاجتماعية الأخرى. لقد آن الأوان لإيجاد سبل لتوجيه فئة هامة وحساسة من المجتمع، وتحسين ظروفها الإجتماعية الصعبة التي تدفعها إلى العمل بأرخص الأثمان..