هذه المرة ستكون سعادة الجزائريين والشرفاء المدافعين عن كل أنواع الإبادات والظلم، بغض النظر عن أصولهم وتوجهاتهم الإيديولوجية والدينية، أكبر من كل وصف. لماذا؟ رعب لوباني، حرج ساركوزي وامتحان يساري.. على أنقاض جمجمة البرقع ببساطة شديدة لأن العودة إلى هولوكوست فرنسا المرتكب يوم الثامن ماي من عام 1945 في كل من سطيف وخراطة وڤالمة - في سياق المتاجرة السياسوية الرخيصة بقضية منع البرقع - ستكون فرصة ذهبية غير مسبوقة لوضع حد مؤقت لصراع سياسوي بيزنطي دام أكثر من اللازم بين أطياف فرنسية تستهدف كلها صناديق الإنتخابات على أنقاض جمجمة البرقع، في الوقت الذي يئن فيه الفرنسيون من جراح يوميات اقتصادية واجتماعية ووجودية مختلفة تعصف بتوازن المجتمع وبمصير الفئات الكادحة والمتوسطة، التي لم تعد تتحمل تكتيك لفت الأنظار إلى خطر قماش يخفي الجسد والعيون وبالتالي يغذي الإرهاب ويهين المرأة.. بفضل المخرج الفرانكو جزائري رشيد بوشارب، صاحب رائعة “أنديجان”، التي أثرت في شيراك إلى حد اضطراره لدفع مستحقات جنود فرنسا المنحدرين من أصول إفريقية ومغاربية. سيتحول النقاش إذن، هذه الأيام وإلى غاية تاريخ مهرجان “كان” الدولي القادم، إلى سجال أيديولوجي حقيقي يمكّن أصحاب الحق التاريخي إلى الهجوم بدل الدفاع منذ أن خطط على أعلى مستوى رسمي، ساركوزي، للنيل من كرامة المهاجرين باختلاق قضية البرقع.. كما أكد ذلك قبل أمس جان بول دوبوا، رئيس رابطة حقوق الإنسان والذي راهن على اختلاق مستقبلي جديد يضمن تنفسا سياسيا على حساب كباش فداء أزليين تحولوا إلى أنديجان جدد، على حد تعبير الممثل الكاميروني الأصل ديودونيه، المحاصر إعلاميا حتى إشعار جديد. هجوم رشيد بوشارب على نوستالجيي الجزائر الفرنسية من خلال فيلمه “خارج على القانون” تسبب، منذ أيام، في دفاع أيديولوجي مقيت تضمنه بيان صدر عن جهات مرتبطة باليمين العنصري المتطرف الذي استعاد أنفاسه مؤخرا بعد انتصاره على الساركوزيين، في معركة الإنتخابات الإقليمية الأخيرة، كما مر معنا في أكثر من مراسلة. وجاء في بيان انفردت به صحيفة “ميديا بار” الإلكترونية لصاحبها الصحفي والكاتب القدير إيدوي بلينال، أحد رؤساء تحرير لوموند المستقيلين، أن فيلم “خارج عن القانون” للمخرج رشيد بوشارب صاحب فيلم أنديجان.. يعد مؤامرة معلنة ضد تاريخ فرنسا وإنجازها الحضاري في الجزائر ودعوة لتمجيد الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية.. الأمر الذي يقتضي تجند قدامى المحاربين والحركى والأقدام السود للتنديد بهذا الفيلم المستغل للمال العمومي. وأمضى أصحاب البيان داعين النواب والبرلمانيين الغيورين على تاريخ فرنسا الحضاري في الجزائر إلى التجمع والتظاهر طيلة مدة مهرجان كان. ويعالج فيلم “خارج عن القانون” في شكل تعميق تاريخي لفيلمه “أنديجان” مجازر الثامن ماي من خلال ثلاثة إخوة نجوا من المحرقة الفرنسية واستمروا في مكافحة المستعمر من أجل جزائر حرة مستقلة، ويتوقف الفيلم عند السياق التاريخي الذي كشف عن وحشية الاستعمار الفرنسي، في الوقت الذي كانت فيه باريس تحتفل بانتصارها على النازية، الأمر الذي يكشف من جديد مفارقة المستعمر الأيديولوجية بشكل صارخ. ويتزامن عرض الفيلم هذه المرة مع المناسبة الأبدية التي تحرص باريس على ترسيخها في ذاكرة الأجيال الجديدة، في إطار دعاية تمجد حقوق إنسان على الطريقة الأوروبية، على حد تعبير جاك فيرجاس، في حد بث لكاتب هذه السطور. الفيلم فرنسي جزائري بلجيكي مشترك، من إنتاج شركة تساليت وبتعاون مع المركز الوطني الفرنسي للإنتاج السينمائية وقناة كانال بلوس، التي اشترت سبق حقوق بثه وقناتي فرانس 2 وفرانس 3 سينما، وشركة طاسيلي الجزائرية، ووزاراتي الثقافة والمجاهدين، ووكالة الإشعاع الثقافي، ومؤسسة نوفاك للإنتاج. ترى هل سيحرك فيلم “خارج على القانون” ضمير ساركوزي، كما حرك ضمير شيراك، فيعترف بهولوكوست فرنسا في الجزائر، كما اعترف شيراك بهولوكوست النازيين في فرنسا البيتانية عام 1940 في فليديف، يوم سيق تلاميذ إلى المحرقة.. وهل سيرعب اليمين المتطرف المستنفر من الآن، وهل سيكون امتحانا عصيرا ليسار سيجد نفسه بين سندان الحقيقة التاريخية ومطرقة المنتخبين، كما يحدث لحظة كتابة هذه السطور، حيال الرقص على حبلي المنع والرفض لفكرة قانون منع ارتدائه ؟؟ بصراحة التاريخ لا يرحم، وحتى ألبير كامو، معني بفيلم بوشارب في قبره. أليس كذلك يا محاولي تبرير تفسيره للإرهاب أو العنف باسم خوفه على أمه ودفاعه على المدنيين في سياق سمح فيه لإرهاب الأقوى؟!.