نفى عميد مسجد باريس، الدكتور دليل أبو بكر، أن تكون وزارة الداخلية الفرنسية تتدخل بإملاءات في انتداب أئمة جزائريين في مقاطعتها. وكشف العميد، في حوار خصّ به "الفجر"، عن مناورة مغربية أخرى مدعومة بلوبي يهودي تقوم على تلفيف التاريخ إعلاميا للتشكيك في جنسية المسجد خدمة لأغراض تموقعية الإليزيه لم يرد على تغيير قانون انتخاب مجلس الديانة الإسلامية وهو ملف قد يفتحه بوتفليقة في زيارته المرتقبة لوبي مغربي استغل المأساة الجزائرية لتشويه صورتها، منها تاريخ المسجد، وهو لا يحب سوى الخسران للجزائر مبرزا أن الإليزيه لم يرد بعد على طلب الجزائر بتغيير قانون انتخاب مجلس الديانة الإسلامية وهو أحد الملفات المنتظر أن يفتحها الرئيس بوتفليقة في زيارته المرتقبة لباريس، مؤكدا أنه لا يمكن أن تتطور العلاقات الفرنسية الجزائرية دون الاعتراف بدور الجزائر من الناحية الدينية هناك، كما أبرز أن العديد من الدوائر الفرنسية وقعت في خجل بسبب التناقض بين الترويج لصورة سوداء عن الجزائر ودورها الريادي في ترشيد الإسلام. سعادة العميد، لنبدأ من الحدث، لقد دعت الحكومة الجزائرية، أمس الأول، أئمتها في فرنسا بحضور ممثلين عن وزارة داخلية الفرنسية إلى عدم الخوض في مسائل سياسية أو الإفتاء خارج القانون الفرنسي، ما هي خلفيات الأمر، وهل له علاقة بأي مطلب فرنسي من هذا القبيل؟ طلب الدولة الجزائرية من أئمتها بعدم الخوض في مسائل سياسية أو الإفتاء بما يتجاوز التشريع الفرنسي لا علاقة له بأي تدخل فرنسي، ولو كان كذلك لما طلبت منا فرنسا تنظيم وترشيد ممارسة الشعائر الإسلامية بأراضيها. دعوة الجزائر للأئمة المنتدبين هو في حد ذاته يحمل حكمة إسلامية، وهي احترام شروط وقوانين البلد المضيف أولا، ثم الإسلام في فرنسا معتقد لا يمنع من ممارسته على أي كان، لكن لا ينبغي أن تتدخل هذه الممارسة في القرارات الداخلية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية لفرنسا وباسم الديانة الإسلامية، خاصة وأن المجتمع الفرنسي يتميز عن غيره بكونه فسيفساء من الديانات العالمية، وعليه يجب أن يكون أئمة الجزائر واعين بمسؤولياتهم للمحافظة على صورة ودور الإسلام الجزائريبفرنسا مع الاجتهاد في أطر الحكمة القرآنية واحترام قانون البلد المضيف. كيف تفسّرون التناقض مع الإعلام الغربي الذي يروّج صورة سوداء عن ممارسة الشعائر الدينية في بلادنا، في حين تناشد باريس الجزائر حمايتها من الغلو والتطرّف الديني؟ هذا الموضوع في حقيقة الأمر مهم جدا، لكن ما أعرفه هو وجود العديد من الأطراف الفرنسية في موضع "خجل" من هذه الازدواجية تجاه الجزائر، خاصة بعد الاعتراف بجهودها الكبيرة في محاربة الإرهاب ونبذه، وهو الإرهاب الذي تولّد عن رؤية فقهية ودينية خاطئة عن الإسلام. فالحمد لله، الجزائر استرجعت عافيتها بفضل مشروع السلم والمصالحة الوطنية التي لم تخرج عن معاني الإسلام الحقيقي في الحوار والتسامح والعفو عند المقدرة. إذن دعني أقول لك إن هذا الطلب الفرنسي هو فأل خير واعتراف لدور الجزائر من جهة، كما يمكن اعتباره أيضا تقوية لقداسة تاريخها وهيبة دبلوماسيتها تجاه فرنسا من جهة أخرى. وكيف تستمر الحملات المغرضة التي تطال بعض أئمة الجزائر المنتدبين في بعض المقاطعات الفرنسية في وقت تشيد الداخلية الفرنسية بدورهم الإيجابي في المجتمع الفرنسي؟ يجب أن تعرف أن المساجد بفرنسا لا تملكها الدولة الفرنسية نفسها وفق ما يقرّه دستورها، لكن أرد على سؤالك بأن أئمتنا يشرّفون الجزائر، ونموذجها في الإسلام أحسن تشريف، فكيف لهؤلاء يعرفون ما لا تعرفه المصالح الفرنسية، ما علينا سوى أن نقول لهم "هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"، فهؤلاء يخافون من دور الجزائر الرائد في تهذيب وممارسة الشعائر الإسلامية، لا سيما بعد أن أصبحت الجالية الجزائرية أكثر الجاليات الإسلامية بفرنسا، وهو ما عبّرت عنه هذه الأخيرة برغبتها في الاستعانة بالجزائر في تأطير إطارات الجاليات الإسلامية، فهناك لوبي مغربي بفرنسا استغل المأساة الجزائرية التي تعافت منها لتشويه صورة الجزائر، فهؤلاء لا يحبون سوى الخسران للجزائر. على ذكر اللوبي المغربي، هل لا يزال هذا الأخير يقود حملته المدعومة من اليمين المتطرف لسحب الجنسية الجزائرية من مؤسسة مسجد باريس الكبير؟ كما تعرف في الموضوع، فشلت الحملة الأولى الذي قادها بعض المغاربة في التهريج الإعلامي للتشكيك في جنسية وملكية مسجد باريس الكبير، وفشلت هذه الحملة باعتراف السلطة الفرنسية بأن مؤسسة مسجد باريس الكبير مؤسسة ثقافية دينية جزائرية فوق التراب الفرنسي، وهو ما يقرّه القانون الأساسي للمسجد. لكن أؤكد لك أن الشوط الثاني من هذه الحملة المغربية قد بدأ بتلفيف التاريخ واستغلاله إعلاميا لخدمة أغراض سياسية وتموقعية بفرنسا، ويتمثل هذا المخطط المشبوه في شروع جهات مغربية بدعم من اللوبي اليهودي في تصوير فيلم وثائقي حول شخصية "بن غبريت" ذو الأصول الجزائرية والجنسية المغربية، وهو أول من يتولى عمادة المسجد، يحاول هذا الفيلم على حد معلوماتي التركيز على علاقة بن غبريت بيهود فرنسا وألمانيا سنوات أربعينيات القرن الماضي، لكن أطمئنكم أننا شرعنا في حملة مضادة تكشف ملابسات هذه المناورة بالحجة والدليل من خلال لجنة تجمع علماء التاريخ الإسلامي من فرنساوالجزائر لوضع النقاط على الحروف وكشف الحقيقة. كيف أمام كل هذا الدور الديني للجزائر في فرنسا، في حين تبقى غير ممثلة في مجلس الديانة الإسلامية بفرنسا، وهو الهيئة التي ترأستموها لمدة سنتين متتاليتين قبل أن تقاطعوا الانتخابات الأخيرة؟ قررت الجزائر بعد مشاروات عميقة مقاطعة الانتخابات الأخيرة لمجلس الديانة الإسلامية بفرنسا لما رأت فيه طريقة للتنديد باللاّعدل، حيث منحتنا الداخلية الفرنسية حصة 16 بالمئة، في حين منحت باقي الجاليات المغاربية والإسلامية نسبة 60 بالمئة، وجاءت هذه النسبة بإقراراها الاعتماد على المتر المربع في الأوقاف والأحباس الإسلامية، حتى أن الرئيس بوتفليقة لم يقبل هذا الأسلوب، الذي فيه تهميش للجالية الجزائرية التي تفوق مليوني جزائري، لكن لم نقاطع وفقط، بل بلغت الرئيس ساركوزي بموقف الجزائر ومقاطعتها الرسمية للانتخابات في لقاء جمعني بممثله "قيون"، وطمأننا الرئيس ساركوزي بإعادة النظر في قانون انتخاب المجلس بطريقة عادلة، لكن إلى حد اليوم الذي يصادف تواجدي بالجزائر على رأس وفد من الداخلية الفرنسية لم نتلق أي إجابات رسمية. وما دام الأمر يتعلق بالتمثيل الجزائري، دعني أقول لك إن باريس لم تكن تعطي الذاكرة الجزائرية حقها، حيث أسّست نصبا تذكارية للصينيين والإنجليز، ولم تعر اهتماما للجزائريين، قبل أن تتفطن للأمر بعد أن أثار الرئيس بوتفليقة الموضوع في زيارته الأخيرة لفرنسا، وهو ما استجابت له مؤخرا. هل نفهم من كلامكم أن موضوع إقصاء الجزائر من تمثيل حقيقي في مجلس الديانة الإسلامية الفرنسي سيكون أحد الملفات التي يفتحها الرئيس بوتفليقة في زيارته المرتقبة لباريس ولقائه الرئيس ساركوزي؟ ما أعلمه في الموضوع، أن باريس لا تزال تنتظر زيارة الرئيس بوتفليقة. وحسب الأصداء، فان كل الملفات، لا سيما الهامة منها، ستكون محور اللقاء بين الرئيسين، منها ما تعلق بالتاريخ، السياسية والاقتصاد، ولذلك لا أستبعد أن تفتح شروط انتخاب مجلس الديانة الإسلامية بفرنسا بما يعطي الجالية الجزائرية حقوقها. . ألا يمكن أن يعطي تنسيق الجزائر وباريس في مجال ممارسة الشعائر الإسلامية واجهة جديدة للعلاقات بين البلدين قائمة على الاحترام والمنفعة المتبادلة؟ في رأيي، لا يمكن أن تسير هذا الملفات في الاتجاه الصحيح دون الإقرار بدور الجزائر على الصعيد الديني الإسلامي بفرنسا، وهو الأمر نفسه بالنسبة للتاريخ. اجتمعتم بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ما هي أهم المواضيع التي تم إثارتها في هذا اللقاء؟ لم يخرج اللقاء عن معرفة ظروف إقامة معيشة الجالية الجزائريةبفرنسا، لا سيما ما تعلق بحقوقها، فالرئيس بوتفليقة دائم السؤال والاستفسار عن مشاكل الجالية دراية منه أن العيش في ديار الغربة ليس بالأمر السهل. صراحة حنكة الرئيس بوتفليقة وتجربته في الشأن الدبلوماسي حققت الكثير من المكاسب للجالية الجزائريةبفرنسا وباقي العواصم الدولية، آخره عزمه على إنشاء المجلس الاستشاري للجالية الجزائرية بالمهجر. على ذكر المجلس الاستشاري للجالية الوطنية بالخارج، كيف تسير التحضيرات الخاصة بانتخاب أعضائه، وماهي أهميته بالنسبة للمهاجرين الجزائريين؟ المجلس جاء ليعزّز تأطير الجالية الجزائرية بالخارج، لكن القائمين على تحضيرات اختيار أعضائه لم يستشيرونا في الملف، رغم كل ما يمثله مسجد باريس الكبير من ثقل ودور ديني ثقافي جزائري، لذلك كاتبت الوزير الأول في الموضوع. المجتمع الفرنسي يتميز عن غيره بكونه فسيفساء من الديانات العالمية، وعليه يجب أن يكون أئمة الجزائر واعين بمسؤولياتهم للمحافظة على صورة ودور الإسلام الجزائريبفرنسا مع الاجتهاد في أطر الحكمة القرآنية واحترام قانون البلد المضيف. وما دام الأمر يتعلق بالتمثيل الجزائري، دعني أقول لك إن باريس لم تكن تعطي الذاكرة الجزائرية حقها، حيث أسّست نصبا تذكارية للصينيين والإنجليز، ولم تعر اهتماما للجزائريين، قبل أن تتفطن للأمر بعد أن أثار الرئيس بوتفليقة الموضوع في زيارته الأخيرة لفرنسا، وهو ما استجابت له مؤخرا.