قال أسقف الجزائر السابق، هنري تيسيي، إن الجزائر نموذج حي في الحوار بين الأديان، قياسا بما سجله على أرض الواقع طيلة فترة إدارته لشؤون الكنيسة بالجزائر من سنة 1988 إلى غاية 2008، وتفضيله البقاء في الجزائر طيلة الأزمة الأمنية، رغم الدعوات المتكررة للحكومة الفرنسية التي وجهتها له للمغادرة، تجنبا لتعرضه للخطر أو الموت على يد الجماعات الإرهابية وشدد هنري تيسيي، في حوار أجراه مع موقع “زينيت”، الناطقة بالفرنسية، أول أمس، على الدور الذي يمكن أن تلعبه المدرسة في التأسيس لثقافة حوار الأديان، وتقبل كل طرف للآخر دون مزايدة أو كره، والعيش في جو من التناغم، يحفظ لكل طرف عقيدته ومرجعياته الدينية والفكرية، بعيدا عن العنف والتعصب. وأضاف الأسقف هنري تيسيي، الذي يعد شاهدا تاريخيا واستثنائيا في القارة الإفريقية، بحكم تسييره للكنيسة خلال كل تلك الفترة، أنه رغم تأميم المدارس التي كانت تديرها الكنيسة خلال الفترة الممتدة من الاستقلال وإلى غاية سنوات السبعينيات في إطار استرجاع جميع ما خلفه الاستعمار الفرنسي آنذاك، إلا أن المسيحيين واصلوا نشاطهم العادي بالجزائر، وتمت إقامة العديد من برامج التعاون العلمي والتربوي بين المسلمين والمسيحيين بأرض الجزائر، ولم تكن هناك أي عوائق. وفي رده على سؤال حول إشكالية وجود فرق بين المسلمين المتقبلين للحوار في مجال الأديان والرافضين له، قال تيسيي إن الجو الذي ميز العمل في الجزائر خيمت عليه الثقة، مؤكدا أن”هناك تيارات متعددة، وبما أننا نتحدث عن التربية، فنحن لدينا العديد من الالتزامات المحترمة، عندما يتعلق الأمر بتدريب المرأة أو الفتاة، بالإضافة إلى امتلاكنا لمجلة تدار منذ قرابة 22 سنة من طرف فريق عمل يضم مسيحيين ومسلمين، يعملون في جو من التناغم والتفاهم، تحت وصاية هيئة الصليب الأحمر في الجزائر، ودون أية مشاكل وبكل ثقة”، معتبرا النموذج دليل على إمكانية العمل بين المسيحيين والمسلمين على مستويات كبرى. واسترجع هنري تيسيي، في حديثه لصحفي موقع “زينيت”، تاريخ إقامة المدارس الكاثوليكية في الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية، حين بلغ عدد طلابها 45 ألفا، وحاول الأسقف دغدغة مشاعر بعض الذين زاولوا دراستهم لدى الكنيسة خلال فترة الاستعمار، وقال “هؤلاء لايزالون حتى الآن يذكرون بشوق وحنين تلك المدارس وأوفياء للبرامج التي تلقوها”.