كشف مصدر مسؤول ل”الفجر” أن وزارة التجارة قررت تعليق منح التراخيص المرتبطة بتصدير النفايات الحديدية منذ أشهر قليلة، وذلك في انتظار إصدار قرار نهائي بمنع تصديرها بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2010 الذي ينتظر الإفراج عنه في الأسابيع القليلة المقبلة، وهو ما ساهم في تراجع سعر نفايات الحديد في السوق أوضح نفس المصدر أن تعليق منح التراخيص لمصدري النفايات الحديدية جاء كإجراء حمائي للاقتصاد الوطني عقب منع تصدير النفايات غير الحديدية بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2009، مشيرا إلى أن مداخيل تصدير نفايات الحديد تجاوزت90 مليون دولار خلال العام الماضي، وهو ما يعتبر تهديدا حقيقيا للاقتصاد الوطني، طالما بإمكان الدولة استغلالها في بناء صناعة متينة من خلال إنشاء مصانع لإعادة رسكلتها وتحويلها إلى مواد نصف مصنعة تصدر إلى الخارج عبر القنوات الرسمية، وذلك عوض تصديرها كخردة من طرف المصدرين الخواص، خاصة في ظل تزايد عدد جامعي النفايات الحديدية الذي تجاوز 40 ألفا عبر القطر الجزائري، يتمركزون عبر مستودعات عادة ما تكون على حافة الطرق الوطنية ليسهل الوصول إليها. أكوام متراكمة من النفايات الحديدية.. وتجار يضربون كفا بكف زارت ”الفجر” عددا من مستودعات جمع النفايات الحديدية التي كانت حتى وقت قريب تجارة تدر الملايين على أصحابها، إلا أنها أضحت اليوم في خانة التجارة ”غير المربحة”، أول ما شد انتباهنا ونحن بالقرب من أحد المستودعات بالقليعة في ولاية تيبازة هي تلك ”الجبال” المكومة من النفايات الحديدية، صانعة ديكورا شاحبا. تقربنا من حارس المستودع للاستفسار عن السبب، ليجيبنا أنه يعود إلى ”قلة البيع” خاصة بعد عزوف المصدرين عن تصدريها إلى الخارج، وأخبرنا أنه سمع شائعات بأن الدولة منعت تصديرها إلى الخارج، وهو ما يفسر تجمع هذه الأكوام عبر جميع المستودعات المنتشرة عبر القطر الجزائري. وأضاف أن سعر النفايات الحديدية تراجع بنسبة تتجاوز 200 بالمائة خلال العام الجاري، فقد كان يقدر سعر الكيلوغرام الواحد من نفايات الحديد بنحو 25 دج، في حين أنها استقرت عند 3 دج خلال العام الجاري، مؤكدا أن هذا النشاط سيعرف ركودا كبيرا، إلا في حالة إعادة رسكلتها واستغلالها في بناء حديد الخرسانة. وعند تنقلنا إلى مستودعات أخرى بكل من بوسماعيل في تيبازة وبني تامو بالبليدة، وقفنا على نفس الأمر، أكوام من النفايات الحديدية وأسعار متدنية، وإجماع على احتضار هذه التجارة. سونلغاز وشركة النقل بالسكك الحديدية أكبر الرابحين يبدو أن قرار تعليق منح تراخيص لتصدير النفايات الحديدية سيكون له أثر إيجابي على كل من الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية وشركة ”سونلغاز” بالإضافة إلى مؤسسة ”اتصالات الجزائر”، حيث كانت ضمن قائمة الشركات الأكثر عرضة لاستنزاف ممتلكاتها العمومية، بحيث كانت تتعرض يوميا لسرقة الكوابل الكهربائية والخطوط الهاتفية من طرف شبكات تعمل لصالح جامعي النفايات أو المصدرين غير الشرعيين الذين وجدوا في هذه المهنة الربح السريع، وهو ما يكلف تلك المؤسسات العمومية الملايير سنويا، بحيث تجاوزت خسائر اتصالات الجزائر 20 مليار سنتيم جراء عملية سرقة الكوابل الهاتفية ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من المنازل والهيئات بسبب تلك الأعمال التخريبية. كما تحجز مصالح الدرك الوطني، بصفة منتظمة، أطنانا من الحديد المستعمل للبناء وسبائك خطوط السكك الحديدية التي تكون ضمن قائمة التصدير في شكل نفايات حديدية لكنها مهربة بدون فواتير أو تساريح ومعظم المهربين الذين يتم القبض عليهم لا يملكون سجلات تجارية. وتجدر الإشارة إلى أن تصدير النفايات الحديدية إلى الخارج اعتمد من طرف الحكومة منذ سنة 2007 بموجب المادة 85 من قانون المالية لعام 2007.