توقّع الدكتور مدني، وهو أستاذ متخصص في الشؤون الاقتصادية، أن تواجه الجزائر أزمة غذائية حادة بعد عشرين سنة، واستدل في ذلك إلى تقارير كشفت عنها هيئات متخصصة في الشأن الاجتماعي والاقتصادي عن الوضع الغذائي في الجزائر في إشارة واضحة منه إلى التقرير الذي نشره المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي مؤخرا الحل في رسم استراتيجية اقتصادية تعتمد على الإنتاج بعيدا عن المحروقات والذي يؤكد وجود مؤشرات توحي بوقوع هذه الأزمة الغذائية المحتملة بالجزائر مع مطلع الثلاثينيات من القرن الحالي، خاصة في ظل الاعتماد شبه الكلي على الثروة البترولية الزائلة لتحديد المستقبل الغذائي للجزائريين بالإضافة إلى عوامل أخرى مساعدة في إشعال فتيل هذه الأزمة منها ما يتعلق بعنصر التبعية الاقتصادية وعدم توضيح استراتيجيات النمو في قطاعات خارج المحروقات. ودعا الدكتور مدني في محاضرة ألقاها بجامعة بجاية بعنوان "الأمن الغذائي في الجزائر" بمناسبة إحياء اليوم العالمي للتغذية، إلى وضع منظومة معلوماتية دقيقة تحدد مستقبل الأمن الغذائي بالجزائر تواجه كل الهزات الاقتصادية الناجمة عن سياسة الاعتماد الكلي على عائدات المحروقات كونها تمثل نسبة 98 بالمئة من عائدات الدولة، ناهيك عن عنصر الهيمنة الاقتصادية موضع السيطرة في يد الدول المنتجة لمواد غذائية تموننا بها اليوم. كما دعا أيضا إلى الاعتماد أكثر على الثروات البديلة والمتجددة بعيدا عن الثروات الزائلة المعرضة للتلاشي، وبالتالي فإن الحاجة الآن هي وضع اعتماد سياسة نمو دقيقة وواضحة المعالم الإنتاجية تستبق أية مؤثرات سلبية في التنمية الغذائية، لا سيما وأن الجزائر تتوفر على مؤهلات مادية وبحثية من شأنها النهوض بمختلف القطاعات الإنتاجية الأخرى، على غرار عنصر الفلاحة باستغلال ناجع للمساحات الفلاحية والتي بإمكانها تحرير بلادنا من القيود الاقتصادية والهيمنة الأجنبية. واقترح نفس الخبير إشراك المختصين في التغذية لإعداد ومتابعة استراتجية غذائية سليمة، وذلك بالاعتماد على الثروات الاقتصادية البديلة. وقدمت أيضا محاضرات أخرى عملا بشعار المنظمة العالمية للتغذية "الفاو" "كلنا في تحدي الجوع"، وهي المداخلات التي نشطها باحثون تناولت عناصر ذات صلة بموضوع تحديد مستقبل الأمن الغذائي الذاتي خارج ما هو زائل عن المعمورة لضمان استدامة غذائية منظمة تخضع إلى متابعة دقيقة من قبل الحكومة بمعية المتخصصين في الشأن الغذائي.