18 نوفمبر 2009 إلى 18 نوفمبر 2010، عام مرّ على بداية الشرخ الثقافي الذي فتحته كرة عنتر يحيى، في جدار العلاقات الجزائرية المصرية.. عام مرّ على التصدّع الثقافي الذي أحدثته الفتنة الإعلامية في البلدين، واستثمرت في أخباره لأكثر من 365 يوم.. عام مرّ، فهل اندمل الجرح أم أن نزيفه دافق؟ وهل هناك بوادر انفراج في العلاقات الثقافية بين البلدين؟ هل أثر الغياب المصري عن الفعاليات الثقافية الجزائرية في مستواها، وهل أثر الغياب الجزائري على الفعاليات الثقافية المصرية؟ "الفجر الثقافي" يستعيد اليوم معكم، كرونولوجيا الشرخ، من خلال استفزاز هذه الأسئلة التي قد تكون بداية لتلقّي إجابات تغلق الملف إلى الأبد.. قد لا نصفّق دائما على أداء الممثل المصري قرن من السينما يسقط في سنة من الفتنة من أبرز التظاهرات الثقافية التي كانت تسجل في السنوات الأخيرة حضورا مكثفا للأسماء الفنيّة المصرية، كان مهرجان الفيلم العربي بوهران في طبعاته الثلاث السالفة، والذي شهد تكريمات عدّة لفنانين مصريين حظوا باستقبال كريم من طرف الجمهور الجزائري الذي كان إلى زمن قريب، يحفظ أعمالهم عن ظهر حبّ، قبل أن تتغيّر معادلة الودّ بهذه الكرونولوجيا: 21 نوفمبر 2009، تحول حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثالثة والثلاثين، إلى ما يشبه المظاهرة السياسية؛ حيث شنَ العديد من النجوم المصريين هجوما عنيفا على الجزائر ردا على ما وصفوه بالاعتداءات التي تعرض لها المشجعون المصريين على أيدي أنصار "الخضر" في الخرطوم. ولم يمر الحفل دون عدد من الوقفات الاحتجاجية التي نظمها الفنانون على السجادة الحمراء عقب انتهاء الحفل، وشارك فيها الفنان مجدي كامل، وقام بترديد هتافات مع الفنانين المشاركين وبينهم صابرين وفيفي عبده وفتحي عبد الوهاب ورامي وحيد وشادي شامل وميسرة. وكانت أبرز الهتافات التي رددها المحتجون هي "تحيا مصر"، و"كله إلا كرامة المصري"، إضافة إلى أدائهم لأغاني "بلادي.. بلادي.. بلادي.. لك حبي وفؤادي" و"يا أغلى اسم في الوجود.. يا مصر". كما خرجت الجزائر من هذا المهرجان دون تكريم، وهي التي كانت في بداية افتتاح التظاهرة ضيف الشرف. في 24 نوفمبر 2009، قالت يسرا، بأنها سترد الجائزة التي نالتها من مهرجان وهران السينمائي بالجزائر، وذلك على خلفية المقاطعات التي بادر بها المصريون، للتظاهرات الثقافية الجزائرية، وقالت يسرا إنها تنازلت عن جائزة تكريمها التي حصلت عليها في الدورة الثالثة، مشيرة إلى أنها سلمت شهادة التكريم لنقيب الممثلين المصريين أشرف زكي، كي يقوم بتسليمها للسفارة الجزائرية في القاهرة. وطالبت يسرا في ذات الوقت، بمقاطعة الجزائر على جميع المستويات، وليس في الفن فقط، ومضت مؤكدة "يجب أن يعرف الجميع أن مصر لها تاريخها وفنها وأدبها وإعلامها وعراقتها"، مشددة على ضرورة أن "تقف كل النقابات المصرية موقفا واحدا تجاه التجاوزات الجزائرية غير المقبولة". واستطردت يسرا "يجب أن نوضح لمن يكرهنا قيمة مصر وقوتها، ويجب أن نقف بجوار قادتنا، الذين مهما اختلفنا معهم فهم في النهاية لحمنا ودمنا، ولا بد أن نقف معهم ضد كل من تسوّل له نفسه أن يمس كرامتنا". في 26 نوفمبر 2009، أعلن أحمد السقا عن تنازله أيضا، عن جائزة أفضل ممثل التي حصل عليها عن فيلم "الجزيرة"، في فعاليات مهرجان وهران السينمائي للفيلم العربي، مطالبا في ذات الصدد كل الفنانين المصريين والمثقفين بمقاطعة كل ما هو جزائري. وفي 28 ديسمبر 2009، نزل أحمد السقا ضيفا على برنامج "آخر من يعلم"، على قناة "أم بي سي" الفضائية، الذي تقدمه الفنانة اليمنية أروى، ووجهت له سؤال عن أسباب المقاطعة، وما كان له إلا أن انهال سبا وشتما لكل ما هو جزائري، واصفا إياهم بأبشع الصفات.كما طالب بمعاقبة الجمهور الجزائري، والزج به في السجن! في سياق علاقة الفنانين المصريين بمهرجان وهران السينما دائما، أطلّ علينا بتاريخ 22 نوفمبر 2009، الفنان شريف منير وقال إنه حصل على جائزة من مهرجان وهران السينمائي الجزائري كأحسن ممثل عن فيلم "سهر الليالي" وأنه أسعد جدًا بهذه الجائزة لكنه لم يعد سعيدًا بها بعد ما حدث في المباراة وأنه يريد إعادة هذه الجائزة إلى الجزائر مرة أخرى، وقال منير إن هذه الجائزة لا تشرفه. وفي 1 ديسمبر 2009، قال شريف منير، لدى نزوله ضيفا على برنامج ''البيت بيتك'' الذي تبثه الفضائية المصرية إنه "تحصل فقط على مجسم حديدي قبيح المنظر وغير متقن الصنع". الفتنة الثقافية ب"دمغة النسر" ما زاد طين التشقق الثقافي بين مصر والجزائر في السنة الفارطة هو ركوب النقابات الفنية المصرية لموجة السب والشتم التي أطلقتها دكاكين الفتنة الإعلامية، مما أعطى للقضية طابعا رسميا زاد من درجة الاحتقان الثقافي بين البلدين وختم على القضية بدمغة النسر المصري. في 20 نوفمبر 2009، أعلنت النقابات الفنية في مصر مقاطعتها للمهرجانات والتظاهرات السينمائية في الجزائر، مبررة قرارها ب"الاعتداءات" التي وقعت على مشجعين وفنانين وإعلاميين مصريين في الخرطوم، وبدورها قامت الشركة العربية للإنتاج الفني والتوزيع السينمائي مقاطعتها لأي مهرجان أو تظاهرة فنية تقام مستقبلاً في الجزائر. وفي 24 نوفمبر 2009، قال أشرف زكي، نقيب الفنانين المصريين، اتخذت كل النقابات الفنية قرارا بمقاطعة كل المهرجانات والاحتفالات الجزائرية، ومنعنا فنانيهم من العمل في مصر، وقرار المقاطعة أفضل رد على ما يحدث منهم تجاه الشعب المصري. وأضاف "على الجزائريين أن يتذكروا أن المصريين صنعوا لهم نشيدهم الوطني، وفيلم "جميلة بوحيرد"، وكان أولى للجزائريين أن يسعوا ويتقربوا إلينا ليتعلموا منا. وفي سياق ما دعا إليه زكي قالت الراقصة والممثلة فيفى عبده، بأنها ستقاطع الجزائر والجزائريين، وصرح تامر حسني، بأنه لن يقدم أي حفل فني في الجزائر مستقبلاً، مهما قدمت له من أموال، فهو كمصري "يعتز بوطنه ولا يمكنه أن يتواجد بين شعب حقود وهمجي، كالشعب الجزائري". وفي 28 نوفمبر 2009، قال لدى تدخله على المباشر في قناة مودرن سبور الرياضية المصرية، بأن الجزائري لو قدمت له ألف اعتذار فإنه لن يقبل خاصة وأن الجزائريين أهانوا كل المصريين بتهجمهم على مشجعي المنتخب المصري. كما دعا كافة المطربين المصريين إلى مقاطعة الغناء في الجزائر، مهما كانت المبالغ المالية التي سيتم منحها لهم وهذا اعتزازا بوطنيتهم. ويبل ذلك وبالتحديد في 18 نوفمبر 2009، محمد فؤاد يتصل ببرنامج "القاهرة اليوم"، الذي يقدمه عمرو أديب، ليقول بأن الجماهير الجزائرية ستقتله، ويجب مساعدته ومن معه من المشجعين والفنانين المصريين، بعدما حاصرهم الجزائريون بالخناجر والأسلحة البيضاء. بعدها بأسابيع تسرب لوسائل الإعلام العربية والأجنبية فيديو لمحمد فؤاد وهو مختبئ مع المطرب المصري هيثم شاكر، وهما يضحكان داخل أحد الاستوديوهات ويتصلان بأديب في برنامجه ويمثلان بأنهما خائفان ويدعيان بأن الجزائريين يحاصرونهما مع عدد من المصريين. في 22 نوفمبر 2009، صرّح محمد فؤاد، للتلفزيون المصري "لقد اختبأت أنا وحوالي 130 من المشجعين المصريين في مقر الوكالة الإعلامية للفنان المصري طارق نور بالخرطوم هرباً من جحيم الجزائريين الذين أثاروا حالة من الفوضى والإرهاب في شوارع الخرطوم بعد انتهاء المباراة"، وتابع "لو اكتشف الجزائريون مكاننا لقتلونا جميعًا"!!