حمّل الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الحميد مهري، الرئيس الراحل، هواري بومدين، مسؤولية إبعاد الوجوه الثورية التي قادت اتفاقيات إيفيان من الحكم بعد الاستقلال، بسبب رفض بعض قادة جيش التحرير لمسار المفاوضات واعتبروها نوعا من الاستسلام والرضوخ لفرنسا دعوة لرد الاعتبار لاتفاقيات إيفيان كحدث وطني ساهم في قيام الدولة الجزائرية حتى وإن لم يذكر المجاهد والسياسي المخضرم، عبد الحميد مهري، الرئيس الراحل، هواري بومدين بالاسم، إلا أنه أشار إليه من خلال التركيز على الرفض المتكون لدى جيش التحرير إزاء المفاوضات، وتجسيد ذلك مباشرة بعد تولي الرئيس الراحل لزمام الحكم، حيث تم إبعاد جميع المفاوضين مع الحكومة الفرنسية خلال اتفاقيات إيفيان من السلطة، بمن فيهم سعد دحلب، الذي تم تكليفه بمنصب سفير في المغرب، كطريقة لتصفية الحسابات عن ذلك الرفض المتكون لدى مجموعة من قيادة الثورة. واعتبر، أمس، عبد الحميد مهري، خلال الكلمة التي ألقاها في ندوة المجاهد، حول المرحوم مسيرة المجاهد سعد دحلب، أن ظلال رفض اتفاقيات ايفيان انعكست مباشرة على تاريخ الثورة وطريقة تدوينه، حيث همشت كتب التاريخ والحكومات المتعاقبة اتفاقيات إيفيان، ودورها في قيام الدولة الجزائرية، والاقتصار بالمقابل على تاريخ 1958، رغم أهمية اتفاقيات إيفيان كمرحلة مهمة بقدر جعل ميلاد الدولة الجزائرية على أرض الواقع أمرا ممكنا. ودون أن يذكر الرئيس الراحل، هواري بومدين، قال مهري إن “خلافا نشب بين قيادة الحكومة المؤقتة وجيش التحرير، لأن هذا الأخير لم يقتنع بأهمية المفاوضات التي أرادت الحكومة المؤقتة إجراءها مع الحكومة الفرنسية”، وأضاف أن جيش التحرير كان يتمسك بفكرة الكفاح المسلح حتى الاستقلال، وواصل أن اقتناع الحكومة المؤقتة بالمفاوضات أملته إدراكها للصعاب التي كانت تواجه المجاهدين وقيادة الثورة أمام الجنرال شارل ديغول. وقال المتحدث إن المجاهد سعد دحلب كان نموذجا في الحوار والتفاهم مع محيطه، ورغم الاختلاف بين قيادة الثورة، كان يوصل الجميع إلى اتفاق في النهاية، وهو الأمر الذي لم يكن موجودا خلال طرح فكرة إجراء اتفاقيات ايفيان مع بعض القياديين في الجيش، الذين اعتبروا ذلك تحالفا مع فرنسا ونوع من الرضوخ. ودعا عبد الحميد مهري إلى إعادة الاعتبار لاتفاقيات إيفيان كحدث وطني ساهم في قيام الدولة الجزائرية ووضعها على الطريق الصحيح، وإعادة النظر في هذه المحطة البارزة وإظهارها في قالبها الحقيقي دون أية حسابات، بعد تغييبه طيلة سنوات عديدة عقبت الاستقلال وحتى فجر التعددية السياسية. وأجمع المشاركون في الندوة على الدور المتميز لسعد دحلب، كوجه ثوري رافق مصالي الحاج بالمغرب، وقام بدور كبير تميز بجرأته في طرح الأسئلة رغم صعوبتها.