لم تبتعد الروائية الجزائرية في مجموعتها القصصية الأخيرة ”الساكنة الجديدة” عن الخط الذي اعتادها القارئ عليه، والتي عادة ما تكون مشبعة بالثورة في مختلف تجلياتها وذكرياتها بالنسبة للجيل الذي عايشها، أو ممن يعيشون استقلالها، لتثبت بذلك وفاءها للكتابة عن الثورة التحريرية حتى في عودتها إلى القصة التي غادرتها منذ سنين. جاءت المجموعة القصصية ”الساكنة الجديدة” في آخر إصدار للكاتبة زهور ونيسي، عن دار ”ألفا”، توثيقا آخر للثورة الجزائرية ومن خلال 11 قصة هي ”على جادة الإليزي، إرهابية، النفي بلا رجعة، غربة مفروضة، مطارx، اغتراب، تعاطف، الساكنة الجديدة، العبور على الجسر، سد الخيال، الفيلسوفة” التي حاولت الكاتبة من خلالها تسليط الضوء مرة أخرى على العائلة الجزائرية بتقاليدها المحافظة ونظرة أفرادها إلى الثورة، سواء ممن عايشوها وساهموا في رسم ملامحها أو ممن اختاروا العيش في البلد الذي حاربوه بالأمس وهم يحملون ذكريات الوطن معهم. فمريم بطلة قصة ”الساكنة الجديدة” وهي الشابة المناضلة رغم صغر سنها والتي اختارت أن تحمل مثل بقية أترابها حلم الاستقلال، لا تختلف في شرعية هدفها عن جمال الشاب الجامعي المثقف وبطل قصة ”على جادة الإليزي” وهو الهارب من بلده إلى فرنسا للبحث عن حياة أفضل ومستقبل آمن، ليمثل بدوره رغبة الكثير من الشباب الذين فضلوا مصادرة أحلامهم إلى عدو الأمس وإن كان ذلك بالعزف على آلة الأكورديون على جادة الإليزي. أما العجوز الثمانيني فهو يعاني من النفي الاضطراري الذي حتم عليه الغربة عن أصله العربي وعن تاريخه وأهله، بعد أن تعرض إلى النفي الذي بدأ باختطاف إلى كاليدونيا الجديدة التي أرادوها أن تكون وطنا آخر لبعض الشباب من مستعمراتهم، ورغم مرور السنين لم يتمكن من العودة إلى أرضه التي افترضت وفاته. وبهذه القصص وغيرها، لا يجد القارئ اختلافا في روحها التي تعود في كل مرة، لتشتبك مع الثورة وما استطاعت تحقيقه في نفوس كل الجزائريين حتى بالنسبة للجيل الذي لم يكن حاضرا وقتها، واكتفى، بحكم أنه من جيل الاستقلال، بالنظر إلى الوراء بكل اعتزاز لمن صنعوها أو البحث، هو بدوره، عن فرصته في تحقيق نجاحه بعيدا عنها، وبالتالي فالكاتبة زهور ونيسي، وإن تشعبت في عناوينها وأبطالها، إلا أنها ظلت مصرة على الوفاء بعهدها للثورة وإنجازاتها.