جدد الفشل الذريع للتنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية في تنظيم مسيرة ولم تستقطب حتى قواعد الأرسيدي في العاصمة التي منحت سعيد سعدي مقعدا بالبرلمان، إلى جانب وقائع الاحتجاجات الأخرى السابقة التي عرفها الشارع، طرح فكرة تراجع الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني، على اختلاف أنواعها، المحسوبة على السلطة المعارضة، في تأطير المجتمع والرأي العام، واستقطابه أو قيادته نحو هدف جماعي واضح ومقنع، لدى الأغلبية أو حتى الأقلية حتى وإن كانت التجربة الأخيرة، ما هي إلا عينة صغيرة عن إدارة المواطن البسيط ظهره للأحزاب، أمام تراكم مشاكله اليومية وعدم التمثيل الحسن للسياسيين، من منتخبين على مستوى مجالس وهيئات مختلفة لانشغالاته، تظهر دلائلها القاطعة خلال أية استحقاقات من خلال شدة العزوف، فإن الأحزاب السياسية ترى غير ذلك وتعطي تفسيرات مختلفة لواقع يبرهن هشاشة الثقة بين المواطن ورجال السياسة. ويلاحظ أيضا أن علاقة الثقة تلاشت أكثر لدى فئة الشباب، أمام فقدان الأمل في المستقبل وتدشين حياتهم بالبطالة، التي تليها سلسلة غير منتهية من المشاكل حملت العديد على الهجرة عبر قوارب الموت، والانتحار حرقا، مثلما سجل في العديد من الولايات بعد الاحتجاجات الماضية على خلفية الزيادة التي مست أسعار السكر والزيت في شهر جانفي المنصرم. الأفالان يفسر مقاطعة المواطن للأحزاب والمسيرات بمخلفات العشرية السوداء يعتبر الناطق الرسمي لحزب جبهة التحرير الوطني، في اتصال مع“الفجر”، أن عدم استجابة المواطن لنداء الأحزاب في المسيرات والاحتجاجات على مختلف أنواعها، أملتها صورة الدم والدمار التي لصقت بذهنه خلال العشرية السوداء، وفقدانه للثقة في الأحزاب ، قياسا بما وقع في عهد الحزب المحل، وما تبعه من انزلاقات وأمور لاتزال آثارها ماثلة لدى البعض حتى الآن. وأكد أن ذلك الطرح قد ترسخ أكثر خلال مسيرة حركة العروش بالعاصمة، على خلفية ما يعرف بالربيع الأسود وعدد الضحايا الذين سقطوا في إطار تلك الأحداث، مشيرا الى أن تلك المحطات شكلت وبلورت فكرة لدى المواطن، مفادها أن من يسوقه إلى الشارع يسوقه حتما إلى الهلاك. وقال إن العزوف الذي يسجل خلال الانتخابات يبرهن على هشاشة الثقة بين المواطن والسياسي، مستدلا بالانتخابات التشريعية التي تسجل خلالها أكبر نسب العزوف، على عكس الانتخابات المحلية التي تكون خلالها نسبة المشاركة أحسن، وهذا لدرجة التقارب بين المنتخب وعشيرته وسكان حيه، حيث تتدخل معايير اجتماعية في التأثير على نتيجة الانتخابات، وليس شيئا آخر، وهذا يدل على عدم الثقة في الخطابات خارج أطر العلاقات الاجتماعية. وأشار إلى أن النسب المرتفعة التي تسجل مثلا خلال الانتخابات الرئاسية، سببها تجند الدولة، لأن هذا النوع من الانتخابات لديه مغزى يتعدى حدود البلد، ولهذا تكون نتائجه مرتفعة بسبب تجند جميع الأحزاب واستثمار طاقات ضخمة. حمس: رعاية السلطة للتزوير المتكرر اختزل ثقة المواطن بالسياسيين حمل العضو القيادي في حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، في اتصال مع “الفجر”، السلطات العمومية مسؤولية انعدام الثقة بين المواطن والسياسي، وساند عدم استجابة المواطن لأي نداءات قد تصدر عن الأحزاب. وقال مقري إن السلطة النافذة في الجزائر هي التي اختزلت الثقة وحملت المواطن على الاستقالة من السياسة، معتبرا أن التزوير هو أحد الأسباب الرئيسية لهذه الحالة. وخلص مقري للقول إن التزوير هو الذي أدخل المواطن خانة الإحباط وفقدان الثقة أو الأمل في وصول صوته واختياره، وإمكانية التزوير، الأمر الذي جعله يختار في النهاية العزوف تماما من الانتخابات والأحزاب بصفة عامة، لأن تعاطيه مع السياسيين لم يثمر. الإصلاح تنفي تطليق المواطن للأحزاب وترد فشل المسيرات إلى الطوق الأمني ونفى الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، جمال بن عبد السلام، في تصريح ل “الفجر”، أن تكون الثقة منعدمة بين المواطن والأحزاب، معتبرا أن فشل المسيرة التي نظمتها التنسيقية سببه الطوق الأمني الكبير الذي فرض على المشاركين وعرقلة وصول الأنصار إلى عين المكان، ونفى أن يكون سعيد سعدي لا يتمتع بالمصداقية، وقال “لو نظم سعيد سعدي مسيرة في منطقة القبائل لكان التعاطي معها أكبر وهذا يدل على أن ثقة المواطن به لاتزال قائمة، وإنما ليست على المستوى الوطني”. واعتبر أنه لو دعت أحد أحزاب المعارضة التي تحظى بالمصداقية واحترام الشعب لمسيرة دون أن يفرض عليها طوق أمني، لكانت هناك استجابة. وقال إن أحد الأسباب الرئيسية لعدم وجود لحمة كبيرة بين المواطن والأحزاب، خاصة المعارضة، هو الغلق التام لقنوات التواصل في الإعلام الثقيل، وجميع الفضاءات الأخرى التي من شأنها أن تعزز تلك الثقة وتؤكد أكثر. الأرسيدي: الغلق السياسي والقمع يحولان دون ممارسة الديمقراطية ونفس الموقف عبر عنه أحد نواب الأرسيدي، الذي حمل السلطات مسؤولية الغلق السياسي والقمع، ما يحول دون اختيار المواطن وممارسته للديمقراطية، معتبرا المسيرة الأخيرة أصدق مثال على ذلك.