كشفت تقارير سرية نشرت تفاصيلها أمس صحيفة "النيويورك تايمز" الأمريكية، أن جهاز الاستخبارات الأمريكي "السي أي أي"، ينفذ عمليات سرية في ليبيا تهدف إلى دعم صف الثوار المناوئين للعقيد معمر القذافي وإن كانت قد مرت أزيد من أربعين يوما دون أن نسمع خبر نهاية القذافي، إلا أن الكشف عن هذه التقارير الذي تزامن مع موجة الانشقاقات في صفوف نظام القذافي وأبرزها انشقاق موسى كوسا أبرز مساعدي القذافي، مؤشر على طبيعة الأصابع التي تحرك الأزمة في ليبيا ونوع الأوتار التي تلعب عليها الاستخبارات الأمريكية من أجل دفن العقيد القذافي الذي بات يحتضر، وإن كان بعض المراقبين يتوقعون المزيد من المفاجآت في سيناريو الإطاحة بالقذافي. كشفت صحيفة "النيويورك تايمز" الأمريكية، أمس، أن عناصر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منتشرون في ليبيا للاتصال مع الثوار وإرشاد ضربات الائتلاف. كما أكدت محطة التلفزيون "آي بي سي" أن أوباما أعطى موافقته على تقديم مساعدة سرية للثوار الليبيين. وتستخدم الوكالة مختلف وسائل التجسس الحديثة، كطائرات التجسس من طراز طائرة "يو 2" التي استخدمت فوق الأراضي السوفيتية من أجل التصوير والتقاط الرادار. ونذكر الطائرة التي أسقطت عام 1960، فوق الأراضي السوفيتية والتي أفشلت الاجتماع الذي كان مقررا في باريس بين الرئيس "إيزنهاور وخروتشوف ومكملان وديغول". إضافة إلى ذلك فهي تمارس مهامها الاستخباراتية بالاستعانة بالعملاء المباشرين سواء كانوا دبلوماسيين أو غير دبلوماسيين وذلك بغية الحصول على المعلومات كحصولهم على نسخة من التقرير السرية والخاصة، وحيث يعتبر الخبراء أن انشقاق وزير الخارجية الليبي المنشق موسى كوسا عن القذافي أكبر دليل على أن المخابرات الأمريكية تنفذ أجندتها في لبيبا بحذافرها، خاصة أن كوسا يعتبر خزانة أسرار القذافي وانشقاقه سيكشف المزيد من المفاجآت. وقالت "النيويورك تايمز" إن عناصر المخابرات الأمريكية ينتشرون "في مجموعات صغيرة" منذ عدة أسابيع على الأرض في ليبيا مع مهمة إقامة علاقات مع الثوار وتحديد أهداف العمليات العسكرية. وأضافت إن "عشرات العناصر من القوات الخاصة البريطانية وعناصر جهاز المخابرات الخارجية "آم آي 6" البريطاني يعملون في ليبيا" خصوصا من أجل جمع معلومات حول مواقع القوات الموالية للقذافي. ومن ناحيتها، ذكرت محطة "آي بي سي" أن أوباما وقع مذكرة سرية أعطى فيها موافقته على القيام بعمليات سرية من أجل "المساهمة في الجهد" بليبيا. وتتلخص مهمة المخابرات الأمريكية في الحصول على المعلومات الخارجية بصفة خاصة وتجميعها وتقسيمها، وكذلك تدبير العمليات السرية التي ترى أنها تحقق أهدافها السياسية، سواء أكانت عسكرية أو مؤامرات سياسية. كما تقوم على الأعمال السياسية، وتوازي ميزانية المخابرات المركزية السنوية ميزانية عدة دول نامية. ويقدر عدد العاملين فيها بحوالي 250 ألف موظف وجاسوس يقدمون خلاصة أعمالهم بتقرير صباح كل يوم، يطلع عليه الرئيس الأمريكي. وينسب إلى وكالة المخابرات المركزية سلسلة طويلة من العمليات السياسية والعسكرية في العديد من دول العالم، وخاصة في أمريكا الوسطى والجنوبية وغرب إفريقيا والشرق الأوسط والأدنى، حيث جرى العديد من الانقلابات العسكرية والتصفيات الفردية والجماعية. كما تلعب الوكالة دورا كبيرا في التنظيمات النقابية والثقافية عن طريق التدخل في نشاطاتها. فقد تولت حركة الطلاب في الولاياتالمتحدة، وتدخلت في حركة الجامعة في ولاية ميشغن وفي البرامج الجامعية للجامعات الأمريكية وفي النقابات، إضافة إلى تمويلها للعديد من دور النشر لنشر الكتب المؤيدة لسياسات الولاياتالمتحدة، وكذلك باستخدام شخصيات ذات اطلاع وكفاءة عالية لتسويق أفكارها ومعتقداتها خدمة للسياسة الأمريكية. وأوضحت التقارير الإعلامية التي تحدثت عنها "النيويورك تايمز"، أن مذكرة العمل في حرب ليبيا "تتضمن عددا من الطرق التي يمكن بموجبها مساعدة المعارضة الليبية وتسمح بتقديم المساعدة اعتبارا من الآن، وتضع إطار النشاطات التي سيتم دعمها في المستقبل". مشيرة إلى أن هذه الموافقة لا تسمح بتسليح الثوار على الفور ولكن تحدثت عن إمكانية حصول هذا الأمر مستقبلا. ولا يزال البيت الأبيض يتحفظ من الحديث عن ترتيبات تقديم أسلحة للمعارضة الليبية التي تقاتل كتائب العقيد معمر القذافي. ومن ناحيته وفي رد على هذه المعلومات، رفض المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني "الإدلاء بأي تصريح حول مسائل الاستخبارات".