لكون الجزائر معرضة لمجموعة من التحديات التي ستتفاقم خلال السنوات المقبلة، منها الضغوط الكبيرة على الموارد الطبيعية التي سيزداد تأثيرها على الفضاءات السكانية ذات الكثافة العالية، شرعت وزارة تهيئة الإقليم والبيئة في تقييم حالة الإقليم كمرحلة أولية للوصول إلى تنميته بصفة مستدامة. تمحورت الندوة الأولى حول المخطط الوطني لتهيئة الإقليم حول الدور الجديد بالنسبة للدولة بخصوص تهيئة الإقليم بين الأمس واليوم، حيث مر الاهتمام بتهيئة الإقليم في الجزائر عبر أربع مراحل، امتدت الأولى من 1967 إلى غاية 1978 وهي المرحلة التي تم تبني خلالها سياسة توازن جهوي ومنهجية ترتكز على العدالة الاجتماعية. لتنطلق عقبها المرحلة الثانية رسميا سنة 1979 التي تميزت خلالها سياسة تهيئة الإقليم بمكلفة بمهام دون تمكينها من الوسائل اللازمة، لتليها المرحلة الثالثة سنة 1988 حيث تزامنت والأزمة الاقتصادية التي سببها انخفاض سعر البترول وما صاحبه من انخفاض الإيرادات، الأمر الذي أدى إلى ضعف استراتيجيات الدولة الاجتماعية والاقتصادية، منها الأعمال الإقليمية. لتأتي المرحلة الأخيرة التي بدأت سنة 2000 وعرفت عودة تهيئة الإقليم بقوة لجدول أعمال الحكومة، والبحث عن بعث سياسة وطنية جديدة، كان أهمها تدعيم هذه السياسة بأدوات تشريعية وقانونية وتنظيمية ومالية وكذا جبائية لمنح دفع قوي للإقليم، الذي لا يقتصر دوره على تصحيح الاختلالات الملاحظة، ليتعداه إلى ضمان التوازن والإنصاف والجاذبية، إضافة إلى تثمين مؤهلاته عن طريق تنمية كافة مناطق الوطن. وعرفت الندوة التي احتضنها قصر الأمم مشاركة واسعة لكافة الإدارات والهيئات وأطياف المجتمع بلغ عددهم 700 مشارك، ما دام أمر تهيئة الإقليم قضية تعني الجميع، وعليهم رفع الرهان والتحدي خاصة وأن المعطيات المتوفرة توضح صعوبة المهمة، حيث أشارت الإحصائيات إلى تمركز 63 بالمائة من سكان الجزائر على مساحة تقدر بأربعة بالمائة من الإقليم، و28 بالمائة بالهضاب العليا التي تمثل 9 بالمائة من مساحة الجزائر، ليبقى الجزء الشاسع المقدر ب87 بالمائة الذي يمثل الجنوب الكبير لا يستوعب سوى 9 بالمائة من إجمالي عدد السكان.