بات من الواضح جدا أن تواجد حلف شمال الأطلسي في ليبيا لا يؤدي إلى حماية المدنيين ولا إلى إرغام العقيد معمر القذافي وكتائبه على الاستسلام وتؤكد التقارير الإعلامية لطاحونة حرب ليبيا في شهرها الثاني، أن سيناريو استراتيجيا يتم الترتيب له على صعيد سياسي وعسكري يفتح أبواب ليبيا أمام القبعات الزرقاء على مصراعيها، في ظل ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين سواء قتلى أو يعانون أزمة إنسانية حادة. وتشير الأنباء إلى أن أزيد من 100 على الأقل لقوا حتفهم أمس في مدينة مصراتة الليبية. في ترقب حذر إلى من ستؤول إليه الأمور في ليبيا، اعتبرت السلطات الروسية المحاولات الغربية للإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي تنتهك قرار الأممالمتحدة بشأن ليبيا الذي يفوض فقط باستخدام القوة لحماية المدنيين. وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أثناء زيارة لبلغراد، أمس، “لم يهدف مجلس الأمن أبدا للإطاحة بالنظام الليبي. كل هؤلاء الذين يستخدمون حاليا قرار الأممالمتحدة لهذا الغرض ينتهكون تفويض الأممالمتحدة”. هذا، يتسنى لنا قياس عجز قدرة حلف الناتو على أداء مهامه في ليبيا التي جاء إليها بقرار أممي رقم 1973، من خلال حديث التلفزيون الليبي الذي يقول إن طائرات حلف شمال الأطلسي شنت ضربات جوية على العاصمة الليبية طرابلس ومدينة سرت، وهي منطقة توصف بالخضراء مقارنة بما تحتاجه منطقة مصراتة وأجدابية من دعم لوجستي، يقول قادة حلف الناتو إن لا إمكانيات لديهم لتأمين ذلك الدعم. غير أن حلف شمال الأطلسي عاد ليبرر قصفه لمناطق بعيدة عن دائرة الحرب بأن طائراته تود مهاجمة منشآت قيادة وتحكم لقوات الزعيم الليبي معمر القذافي، بما في ذلك مقر قيادة أحد الألوية جنوبي طرابلس. وقال اللفتنانت جنرال تشارلز بوتشارد، قائد عمليات حلف شمال الأطلسي، في بيان، “سيواصل الحلف حملته لإضعاف قوات نظام القذافي الضالعة في الهجمات المستمرة على المدنيين”. وتابع التلفزيون الليبي أن حلف الأطلسي قصف أيضا منطقة الهيرة في مدينة العزيزية “قبل قليل”، دون ذكر المزيد من التفاصيل. وذكر بيان للحلف أن الغارات الجوية الليلة الماضية استهدفت البنية التحتية للاتصالات ومقر قيادة اللواء 32 على بعد 10 كيلومترات جنوبي طرابلس. من جهة ثانية، وعلى الصعيد الإنساني، قالت باحثة في منظمة العفو الدولية بمدينة مصراتة في غرب ليبيا، إن قوات موالية للزعيم الليبي معمر القذافي قصفت المدينة مجددا يوم الثلاثاء وأن ضحايا نقلوا إلى المستشفى. وأضافت الباحثة دوناتيلا روفيرا لرويترز عبر الهاتف “إنهم يقصفون من مسافة قريبة جدا في المنطقة الواقعة شمال غربي وسط المدينة.. غادرت المستشفى للتو وهناك ضحايا ينقلون إليه”. وأضافت: “هذه هي المناطق الواقعة في الوقت الحالي في أيدي المعارضة وتقصفها قوات القذافي”. وتحاصر القوات الحكومية مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية وآخر معقل للمعارضة في الغرب، منذ نحو سبعة أسابيع. وتقول جماعات إغاثة إن الأوضاع تزداد سوء في المدينة التي يقطنها 300 ألف شخص، مع وجود نقص في الغذاء والدواء والسلع الأساسية الأخرى. وتابعت روفيرا: “ليست هناك كهرباء. البلدة تعتمد على مولدات الكهرباء... يجري استخدام مخزونات الوقود... إمدادات المياه قطعت منذ أسابيع ومن ثم فإن ما يستخدم هو المخزون. عادوا لاستخدام الآبار القديمة”. هذا وأكدت منظمة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أنه بدأ في نقل إمدادات أغذية عبر ممر إنساني إلى غرب ليبيا للمدنيين في مدن من بينها العاصمة طرابلس. وذكر البرنامج في بيان أن ثماني شاحنات تنقل 240 طنا متريا من طحين القمح والبسكويت عالي القيمة الغذائية، وهي شحنة تكفي قرابة 50 ألف شخص لمدة 30 يوما، عبرت من تونس إلى ليبيا، أمس الأول. وقالت إيميليا كاسيلا، وهي متحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، في تصريح مقتضب، “تمكنا من فتح ممر إنساني جديد إلى غرب ليبيا”.