تعتبر الثروة الغابية بباتنة من أهم العوامل التي ساعدت على الحد الجزئي من شبح التصحر الزاحف على مساحات شاسعة من جل البلديات الجنوبية، مثل أمدوكال وبيطام والجزار، غير أنها باتت في السنوات الأخيرة مهددة بخطر الحرائق التي أتت على مساحات شاسعة من النباتات والأشجار النادرة بسبب عوامل طبيعية وبشرية ما أدى إلى كوارث إيكولوجية استدعت تدخلات عاجلة من المصالح المختصة التي عانت بدورها من قلة الإمكانيات في هذا الشأن. أوردت مصادر من محافظة الغابات بباتنة أنها تستعد، قبيل فصل الصيف، لوضع برنامج خاص بمكافحة حرائق الغابات وحماية الغطاء النباتي من الظروف الطبيعية الطارئة، حيث باشرت ذات المصالح تشكيل لجان ميدانية على مستوى الدوائر والبلديات، مع تفعيل الإجراءات الوقائية في هذا الشأن، خصوصا ما تعلق منها بعملية الحصاد وتنزه العائلات في المناطق الجبلية. وسجلت ذات المصالح في إحصائياتها، خلال السنة المنقضية، 43 حريقا أتى على أزيد من 2855 هكتار من الغابات وتسبب في خسارة 8.5 مليون دج كخشب، فضلا عما يسببه الحريق من تلوث جوي يصعب من استقرار الإنسان والحيوان، خصوصا أن الثروة الغابية بباتنة المقدرة ب 325 هكتار تتكون معظمها من الأصناف الصمغية السريعة الاحتراق، علما أن حملة مكافحة الحرائق في الموسم الماضي تمت في ظروف صعبة ونقص فادح في الإمكانيات بسبب محدودية ميزانية البلديات الريفية. كما أن الوسائل المستعملة كجهاز اللاسلكي وأبراج المراقبة لا تساعد على إخماد الحرائق فور اندلاعها، وكثيرا ما يتسبب التأخير في خسارة مساحات خضراء أوسع، ويصل إلى درجة تفتقد فيها السيطرة عليه. وحسب محافظة الغابات بباتنة، فإن الغلاف المالي المخصص لحملة مكافحة الحرائق، هذه السنة، فاق ال 17 مليون دج موجهة للحملة التي ستنطلق من الفاتح جوان المقبل إلى نهاية شهر سبتمبر من السنة الجارية، كما تم تنصيب 34 لجنة ميدانية للبلديات و13 لجنة مماثلة بالدوائر، تضاف إلى 23 لجنة من سكان الأرياف. وفي هذا الإطار سيعتمد على 140 موظف للمداومة المستمرة و1200 عامل تابع للبلديات، مع استخدام تسع مؤسسات مختصة تشغل 450 عامل، وتخصيص عشر سيارات مجهزة، وتوزيع 12 وحدة للحماية المدنية على تراب الولاية لضمان التغطية اللوجيستيكية اللازمة. وتكمن أهمية الغطاء النباتي بباتنة في منعه التصحر، الذي أتى إلى غاية السنة الماضية على مساحات شاسعة تكاد تشمل جل البلديات الجنوبية، مثل بريكة وامدوكال، مع وجود 130 هكتار مهددة بالتصحر وعشرات الهكتارات الأخرى التي اجتاحتها الأمراض الطفيلية، ما زاد من احتمال وقوع الكوارث الإيكولوجية وأثر سلبا على الحياة البرية، كما أن حظيرة بلزمة الطبيعية، وهي من أكبر المحميات وطنيا، لم تسلم من الحرائق في السنوات الفارطة. ويشير السيد حمشي عبد الحفيظ، رئيس قسم التنشيط العلمي والتوجيه بحظيرة بلزمة، إلى أن تدهور ثروة أشجار الأرز النادرة مست 3000 هكتارا من أصل 5700 هكتار، خلال الفترة من 1994 إلى 2000 حسب دراسة قام بها خبراء أجانب وعرب قدموا إلى باتنة مؤخرا، وألحوا على ضرورة تفعيل آليات الحفاظ على ثروة الأرز المقدر عمرها بباتنة بأزيد من 23 قرنا، علما أن الشجرة الواحدة تحتاج إلى نصف قرن من أجل إعطاء باكورتها الأولى، وإلى قرن ونصف لإنتاج الخشب. كما أن الأرز الصخري المتواجد بمنطقة كاف زدريم هو الوحيد وطنيا الذي ينبت في صخر علوه 1800 م، وقد بادرت مديرية الغابات، خلال شهر مارس المنصرم، إلى تفعيل مشروع غرس 20 ألف شجيرة، دشنته بوضع عدد من الفسائل في أفنية بعض الهيئات الإدارية والمستشفى والمركز الجديد لمكافحة السرطان.