أكد مسؤولون من جوبا عاصمة جنوب السودان، عزمهم تحريك بلاغ أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في منطقة أبيي على خلفية اجتياح الجيش السوداني للمنطقة المتنازع عليها. ويأتي هذا التحرك وفق المسؤولين الجنوبيين بعد وصول الشمال والجنوب -الذي يستعد رسميا لإعلان دولته المستقلة يوم 9 جوان المقبل - إلى طريق مسدود فيما يختص بالتوصل لتفاهمات سياسية بشأن النزاع بالمنطقة. وقال وزير رئاسة مجلس الوزراء بالحكومة الاتحادية المستقيل والقيادي بالحركة الشعبية لوكا بيونق أمام حشد في جوبا إنه ينوي بصفة شخصية وبمساندة من شخصيات أخرى تحريك إجراء قانوني بالجنائية ضد البشير وأربع من قيادات حكومته لم يسمهم لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في حق مواطني أبيي من قبيلة دينكا نقوك الجنوبية. وكان مجلس الأمن قد طالب حكومة البشير بالانسحاب الفوري من المنطقة، بينما قالت البعثة الأممية بالسودان إن أكثر من أربعين ألفا من المدنيين قد فرّوا من المنطقة عقب اجتياح الجيش السوداني لها. وفي المقابل، قلّل القيادي بالمؤتمر الوطني ومستشار وزارة الإعلام بالحكومة السودانية ربيع عبد العاطي من تصريحات بيونق، وقال للجزيرة نت إن حكومة الجنوب لن يعترف بها دوليا إلا بعد التاسع من جويلية وما زالت جزءا من دولة السودان، والشكوى ضد البشير إجراء سابق لأوانه. وأضاف أن مثل هذه التصريحات مجرد استهلاك سياسي، واستدرك بالقول "حتى المحكمة الجنائية نفسها تعد آلية سياسية وهذا الإجراء لا يضيف للمحكمة ولا لموقف السودان شيئا". ويقول وزير التعاون الإقليمي بجنوب السودان دينق الور للجزيرة نت إن حكومته ملتزمة باتباع كافة السبل السياسية والدبلوماسية لإيجاد حل سلمي وسياسي لأزمة أبيي بمساعدة من شركاء السلام والمجتمع الدولي بعيدا عن طبول الحرب وصوت الرصاص. وكانت منظمة أميركية معنية بمراقبة وقف النار بالسودان قد قالت في بيان إن صورا التقطت عبر الأقمار قد أظهرت ارتكاب جرائم حرب بمنطقة أبيي، معتبرة أن الصور تقدم أدلة موثقة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتظهر هجمات استخدمت فيها آليات مدرعة وتدمير قرى. يُذكر أن أبيي من الملفات الشائكة في اتفاقية السلام الشامل الموقعة عام 2005 والتي أنهت عقودا من الحرب بين الشمال والجنوب. وكان من المقرر أن يجري في نفس هذا الموعد استفتاء في أبيي لتحديد تبعية المنطقة للشمال أم للجنوب، لكنه تأجل لأجل غير مسمى بسبب خلاف بشأن من يحق له التصويت، بعد إصرار الشعبية على حصر التصويت على قبيلة دينكا نقوك الجنوبية دون قبيلة المسيرية الرعوية ذات الأصول العربية، وهو ما رفضته الخرطوم. ويخشى المتابعون للأوضاع بالسودان أن يعقد الوضع في أبيي العلاقات بين طرفي السودان، والمتوترة أصلا بسبب عدد من الملفات بينها الحدود وتقاسم العائدات النفطية والديون الخارجية، ويفتح إمكانية عودة الطرفين إلى الحرب.