المضمضة والاستنشاق للصائم هناك من يقول بأن المضمضة أو الاستنشاق في الوضوء يؤثر على صحة صيام الصائم، فما مدى صدق هذا القول؟ المضمضة والاستنشاق في الوضوء، إما سنتان من سننه كما هو مذهب الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك والشافعي، وإما فريضتان من فروضه كما هو مذهب الإمام أحمد الذي اعتبرهما جزءاً من غسل الوجه المأمور به. وسواء كانتا من السنن أم الفرائض، فلا ينبغي تركهما في الوضوء في صيام أو فطر. كل ما على المسلم في حالة الصيام ألا يبالغ فيهما كما يبالغ في حالة الإفطار، فقد جاء في الحديث: "إذا استنشقت فأبلغ، إلا أن تكون صائماً" (أخرجه الشافعي وأحمد والأربعة والبيهقي). فإذا تمضمض الصائم أو استنشق وهو يتوضأ، فسبق الماء إلى حلقه من غير تعمّد ولا إسراف، فصيامه صحيح، كما لو دخل غبار الطريق، أو غربلة الدقيق، أو طارت ذبابة إلى حلقه، لأن كل هذا من الخطإ المرفوع عن هذه الأمة وإن خالف في ذلك بعض الأئمة. على أن المضمضة لغير الوضوء أيضاً لا تؤثر على صحة الصيام ما لم يصل الماء إلى الجوف. إفطار بعض الأيام عمدًا في رمضان ما حكم من صام أياماً من رمضان وأفطر أياماً أخر متعمداً ؟ أتحتسب له الأيام التي صامها أم لا تحتسب؟ هذا السؤال من جنس السؤال السابق، وجوابنا عليه أن كل شيء بحسابه. والمسألة ليست في الأيام التي صامها هل تحسب أم لا؟ بل في الأيام التي أفطرها هل تعوض أم لا؟ ولا يمكن أن يعوض يوم من رمضان إلا بيوم مثله من رمضان آخر، وكل رمضان يأتي مشغول بواجب الصوم فيه لا محالة. ولذلك قال أبو هريرة رضي الله عنه: "من أفطر يوماً من أيام رمضان لم يعوضه يوم من أيام الدنيا" (رواه الترمذي واللفظ له، وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة والبيهقي عن أبي هريرة وفي أحد رجاله مقال). ويروى عنه أن رجلاً أفطر في رمضان فقال أبو هريرة: لا يقبل منه صوم سنة. وعن ابن مسعود: من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر وإن صامه. ويروى عن أبي بكر وعلي نحو ذلك.. فليتق الله امرؤ مسلم في دينه، وليحرص على صيام رمضان، ولينتصر على شهواته، فمن انهزم أمام بطنه لم ينتصر في ميدان من الميادين.