تعرف أسعار السيارات المستعملة ارتفاعا جنونيا في الأسواق والمواقع الإلكترونية المتخصصة منذ نحو سنتين. وحسب ما أوضحه مهتمون بسوق السيارات في الجزائر فإن أسعار هذه الأخيرة تعرف ارتفاعا مستمرا وصل إلى نسبة 402 بالمائة مقارنة بالأسعار المتداولة قبل سنتين، وذلك لعدة اعتبارات يتقدمها تعليق الحكومة لقروض الاستهلاك وفرض ضريبة جديدة على السيارات بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2009. فزيارة خفيفة لأسواق السيارات بالحراش أو تيجلابين ببومرداس تجعلك تقف على الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار السيارات المستعملة التي أضحت تقارب وبشكل كبير السيارات الجديدة لدى الوكلاء المعتمدين، فمثلا نجد سعر مركبة من نوع كليو سنة 2008 يقدر ب86 مليون سنتيم، وسعر طراز "بيكانتو" لعلامة "كيا موتورز" سنة 2007 لا يقل عن 68 مليون سنتيم، أما سعر طراز 206 للأسد الفرنسي فيتراوح ما بين 60 و80 مليون بحسب سنة التصنيع، فرغم أنها سيارات قديمة نسبيا واستخدمت لسنوات طويلة تصل في بعض الأحيان إلى 10 سنوات ومن قبل أكثر من شخص إلا أن أسعارها تبقى مرتفعة وليست في متناول القدرة الشرائية لذوي الدخل الضعيف والمتوسط، في الوقت الذي أضحت فيه السيارة وسيلة ضرورية للنقل، خاصة في ظل الإضرابات المتكررة لعمال السكك الحديدية والنقص الكبير الذي تعرفه حافلات نقل المسافرين. وترد أسباب ارتفاع السيارات المستعملة في الأسواق - حسب المتتبعين - إلى إلغاء قروض الاستهلاك في صيف 2009 مما حرم المواطنين والموظفين خاصة من اقتناء مركبات جديدة عن طريق التقسيط، كما يضيف المتتبعون أن قضية الضريبة المفروضة على السيارات الجديدة والتي تتراوح ما بين 50 و150 ألف دينار بحسب قوة المحرك، رفعت من سعر السيارات الجديدة لدى الوكلاء المعتمدين وجعلتها بعيدة عن متناول المواطن البسيط الذي توجه إلى سوق السيارات المستعملة للبحث عن ضالته، إلا أنه تفاجأ بارتفاع أسعارها هي الأخرى نتيجة الطلب الكبير عليها، لاسيما بعد قرار الحكومة بتخصيص الموانئ وتحديد كل من ميناء جن جن بجيجل، ومستغانم والغزوات لاستقبال البواخر المحملة بالمركبات، إضافة إلى القرض المستندي الذي عرقل مسار وصول طلبيات الزبائن، وهي كلها عوامل جعلت المواطنين ينفرون من اقتناء السيارات الجديدة ويتوجهون إلى السيارات المستعملة، إلا أن كثرة الطلب على هذه السوق جعل الأسعار تلتهب. كما لفت المتتبعون إلى تحايل بعض السماسرة من هواة الربح السريع حيث يعمدون على اقتناء سيارات جديدة لدى الوكلاء المعتمدين، خاصة من طرازي تيغوان لعلامة "فولسفاغن" وسيمبول لعلامة "رونو"، وإعادة بيعها للزبائن الذين يسعون لتسلم مركباتهم في أقرب الآجال، وذلك بهدف تحقيق مكاسب كبيرة في أقرب وقت ممكن، مستغلين بذلك طول فترة انتظار الزبائن لتسلم مركباتهم لاستقطابهم، فيفضل هؤلاء الآخرين دفع مبالغ إضافية بدل الانتظار وتعطل أشغالهم، ولتخفيض هذه الأسعار أكد المتتبعون أن الحل يكمن في إعادة قروض الاستهلاك مما سيسمح للموظفين باقتناء مركبات جديدة بالتقسيط.