اعتبر الأستاذ الجامعي والخبير في الشؤون المالية، نعمان بوصبيعة، أنه لا يمكن التفريق بين تسيير البنوك العمومية والخاصة ببلادنا كونها تملك سوقا مالية واحدة، والكل يجب أن ينضبط وفق معاييرهاا سواء في تسيير الأخطار أو في مقاييس أخرى كمقاييس المحاسبية. وأوضح الخبير أن المخاطر المالية تعد من المواضيع التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية، فهي بمثابة علم يستند على علم الاقتصاد وعلم الإحصاء والاحتمالات، وكذا علم المال والتمويل، مشيرا إلى أن تسيير الأخطار المالية عرف في السنوات الأخيرة بالجزائر نوعا من الاهتمام بالنسبة للمؤسسات المالية، إذ كانت تعرف بما يسمى خطر الصرف لأن بعض الشركات وقعت لها أخطار كبيرة في نسبة الصرف، إذ أدى إلى انهيارها. وهناك خطر آخر يتمثل في نسبة الفائدة التي يتحكم فيها البنك المركزي ووزارة المالية على المديين القصير والطويل. وأوضح نفس الإطار أن "البنوك العمومية تحاول أن تساير السوق وتعمل بوسائل حديثة، لكن لا يجب أن نهمل تدخل الدولة في تمويل المشاريع، ولهذا نجد البنوك العمومية ليست حرة تماما في أخذ قراراتها، ولا يمكننا إلزام مسير البنك بأن يعتمد المقاييس المعروفة عالمية، خاصة أن البنوك العمومية الجزائرية لا تعمل إلا في السوق الجزائرية فهي لا تعتبر بنوكا عالمية وشاملة، فمقاييسها وضوابطها جزائرية، أي أنها لا تخرج عن المحلية، رغم أنها تحاول الإتيان ببعض المقاييس من الخارج إذا ألزم الأمر في التسيير، لكن دورها يقتصر على تمويل الاقتصاد الجزائري حسب البرامج والخطط التي تسطرها الحكومة، وهو ماينتج عنه غياب سوق جزائرية مالية والدليل على ذلك فشل "بورصة الجزائر"، حيث لا توجد المضاربة بالرغم من أنها ليست حديثة الإنشاء، فهي تعود إلى مطلع التسعينيات ولكن نجد بعد هذه السنين أن البورصة في الجزائر مشلولة تماما". ويعود سبب الشلل، حسب نفس الخبير، إلى غياب عاملي العرض والطلب في المنتجات المالية، فإذا طرحت شركات أسهمها في السوق فالطلب موجود لكن العرض لا يقابله بالمثل، والسبب يعود إلى أن الشركات في الجزائر عائلية وتفضل أن تنشط في وسط مغلق، هذا بالإضافة إلى عجز الشركات العمومية على دخول البورصة. وأضاف الخبير، في حوار مع موقع الإذاعة الوطنية، أنه رغم كوننا في عصر العولمة إلا أن الشركات العائلية تبقى منغلقة حول نفسها، ورغم التغير الذي طرأ على عدة أشياء فيها ومسايرتها للحداثة، إلا أن المشكل يكمن في عدم فتح عقدة رأس المال الخاصة على الآخرين من دون العائلة. وبخصوص تأثر اقتصادنا الوطني بالأزمة المالية التي تعاني منها منطقة الأورو وكبريات الاقتصاديات العالمية، أوضح الخبير أن الجزائر ستتعرض وستتأثر لا محالة بالوسط العالمي، فهي ليست معزولة عن العالم. وبالنظر إلى بعض الأرقام الخاصة بالتجارة الخارجية، أو المتعلقة بالتحويلات من الجزائر إلى الخارج، والعمالة، نجد أن الجزائر مندمجة تقريبا وليست في منأى عن الأضرار العالمية، لذا من الضروري الاخذ بعين الاعتبار التعاملات التجارية مع منطقة الأورو، وإجراء دراسة على التسعيرة بالعملات الأجنبية لبعض المنتجات الجزائرية حتى تميز هل هي في صالحها أم لا. كما أشار إلى أن عملتي الأورو والدولار ستشهدان تقهقرا مقابل ارتفاع في العملة الصينية "اليوان" التي بدأت تأخذ مكانتها تدريجيا كثاني اقتصاد عالمي، ما يدفعنا إلى القول إن اليوان من العملات العالمية، ربما سيكون بديلا للأورو في السنوات القليلة المقبلة، من منطلق أن أي اقتصاد قوي يجب أن تكن عملته قوية.