السلطة في الجزائر تقول إن التشريعيات القادمة ستجرى في أفق الإصلاحات.. وإنها ستكون نزيهة.. وعلامة نزاهتها هي جلب مراقبين دوليين بأعداد كافية لمراقبة الانتخابات وخاصة من الجامعة العربية! وغني عن البيان أن الحكومة أو السلطة التي تلجأ إلى إجراء انتخابات تحت رقابة دولية هي سلطة تقر علنا بأنها سلطة غير مؤتمنة على إجراء الانتخابات.. وأنها تقر بأن الشعب لا يثق في عملها! والسلطة التي تلجأ إلى الخارج لإثبات نزاهتها.. ونزاهة انتخاباتها لدى شعبها هي سلطة من الأفضل لها أن ترحل وتترك المكان لأناس لا يشك في نزاهتهم لدى شعبهم.. ويتطلب الأمر أن يشهدوا الأجانب على هذه النزاهة! ومجرد الحديث عن انتخابات يراقبها الأجانب فيه الدليل الكافي على أن السلطة لا علاقة لها بثقة الشعب!؟ ولست أدري كيف تفكر السلطة في الجزائر بأحزاب حكمها وبأحزاب المعارضة أن تلجأ إلى التحكيم الدولي دون أن يحس هؤلاء بأنهم أصبحوا لا يصلحون لحكم الجزائر! سواء من هم في السلطة أو من هم في المعارضة! هل يعقل أن تهزم المعارضة أحزاب السلطة في الانتخابات التي تجرى بمراقبة دولية؟! ولماذا لا تتخذ السلطة والمعارضة قرارا تاريخيا بعدم ممارسة التزوير؟! لأن مسألة التزوير لا يمكن قمعها بمراقبين دوليين! الإصلاح الحقيقي في الجزائر ليس إجراء انتخابات بإشراف دولي.. بل الإصلاح الحقيقي يجب أن تتخذه السلطة والمعارضة معا.. بالكف عن تزوير الحياة السياسية وتزوير الأحزاب وتزوير المرشحين وتزوير الانتخابات بعد ذلك.. وتزوير الانتخابات أهون من مسألة تزوير الحياة السياسية بالكامل كما هو حاصل الآن في الجزائر. تزوير الحياة السياسية بالكامل هو الذي كان مسؤولا عن وجود البرلمان الحالي كأضعف برلمان وأسوأ برلمان عرفته الجزائر في السبعين سنة الأخيرة.. فالبرلمان الحالي أسوأ من المجالس الاستشاري الذي تم تعيينه في عهد بوضياف وأسوأ من المجلس الانتقالي.. بل وأسوأ حتى من برلمان بني وي.. وي في عهد الاستعمار! الإصلاح الحقيقي هو عدم تزوير الساحة السياسية واعتبار هذا العمل جريمة.. وما دمنا لا نزال نستعين بالأجانب لإقناع الشعب بجدية الانتخابات فإننا لن نخرج من النفق!