وزراء حكومة الفساد والمفسدين ينتظرون الضوء الأخضر من الرئيس كي يأذن لهم بالترشح على قوائم الأحزاب التي يريدها الرئيس ويريدونها هم أيضا وتريدها الأحزاب.. لكن الرئيس يظهر أنه زهد في الحكم هذه المرة وفي عملية تخياطه كالعادة.. ولذلك لم ينصح أي واحد من الوزراء بالترشح أو بعدم الترشح في هذا الحزب أو ذاك.. ولهذا بقي الوزراء أضيع من الأيتام في عمليات ترشيح علية القوم على قوائم الأنام. الوزير بركات التقط بسرعة موقف الرئيس هذا وأعلن أنه لن يترشح في الانتخابات القادمة وأحدث بذلك أزمة جديدة لبلخادم وجماعته الذين كانوا يراهنون على المزاوجة بين المال والسلطة في إعداد القوائم الجديدة للانتخابات! والتقط الواصلون لتوهم إلى النضال والمسؤولية قرار بركات وطالبوا الحزب العتيد بتعميمه على الوزراء.. كل الوزراء! باعتبار أن الحكومة أصبحت سيئة السمعة وأي وزير يترشح يعني إسقاط قائمته! بلخادم "زعف" على بركات ولامه على فعلته.. وقد يحوله إلى لجنة الانضباط ويرشحه بالقوة! أو يجبره على الاعتذار للحزب! لكن بركات تمادى وتحول بتماديه إلى مناضل حقيقي في هذا الحزب.. حين كتب رسالة إلى بلخادم يطلب منه عقد اجتماع لهيئات الحزب القيادية وإصدار بيان يعتذر فيه الحزب عما بدر منه ضد المرحوم عبد الحميد مهري فيما سمي بالمؤامرة العلمية! وقال بركات في رسالته إن التاريخ أعطى هذا المناضل الفذ الحق في مواقفه التي اتخذها باسم الحزب.. وأن الحزب هو الذي أخطأ في حقه وحان الوقت أن تقوم الجبهة بإعادة الاعتبار له كرائد من روادها الأفذاذ! لكن بلخادم رد على بركات با لقول: "إن الوقت الآن غير مناسب لتنفيذ هذه الخطوة"! بركات لم يقنعه رد بلخادم.. بل ويرى أن هذا هو الوقت المناسب لأن يتخذ الحزب مثل هذا القرار! لكن الذي لا يعرفه سي بركات هو أن بلخادم كان بجانب مهري في هذه الفترة ولكنه كان علة لفولة مهري وليس سندا له! فقد كان بلخادم دائما عين السلطة الفعلية على أوراق أفالان مهري قبل أن تخرج للرأي العام.. ولا أقول أكثر من هذا لأنني أعرف ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر في هذا الموضوع. ولو كان بركات يعرف ما أعرف لطلب من بلخادم أن يعتذر لمهري عما بدر منه قبل أن يطلب منه أن يعتذر له باسم الجبهة كما فعل عبد القادر حجار وجماعته! وحجار كان شجاعا واعتذر لمهري في حياته.. ثم اعتذر له أيضا في مماته.. والاعتراف بالخطإ فضيلة عند الرجال! بلخادم لن يعتذر لمهري لا باسمه ولا باسم الجبهة.. لأن الوقت لم يحن بعد ولأن مهمة بلخادم في الجبهة لم تنته بعد! وعندما تنتهي سيكون لكل حادث حديث! لكن العاصفة التي أحدثها بركات في الجبهة بخرجاته هذه المتسمة بعودة الوعي له ستكون لها آثارها على منظومة الترشيحات للوزراء ورجال الشكارة في الجبهة وستكون لها أيضا آثارها المستقبلية على مكانة الجبهة في الانتخابات. وفي جميع الحالات سيستفيد بلخادم من هذه المسألة باعتباره مكلفا بمهمة تصفية الجبهة وإرسالها إلى وادي الحراش وليس إلى المتحف كما كان يطالب بذلك الذين كانوا يطالبون بالموت الرحيم لهذه الجبهة التي أقلقت الاستعمار وأصبحت اليوم تقلق الشعب الجزائري بتصرفاتها أكثر مما أقلقه الاستعمار؟!