تجذبني ويدفعني لاقتناء يومية "الفجر" نقطة نظام أستاذي سعد بوعقبة، الذي تتلمذت على يديه حين كان رئيس تحرير جريدة "الشعب"، وسرقت منه بعض "فنيات القباحة" البناءة أوالإيجابية وهو يعرف ذلك جيدا، وكان دائما يقول لمسؤولي"الشعب":"أوصيكم خيرا بهذا الشاب". وكذا أساطير السيدة حدة حزام، التي كانت أول من فجر قضية "26 مليار دولار"، على صفحات "المساء" العمومية، وتعرضت حينها إلى مضايقات لا يعرف مداها ومنتهاها إلا هي..! غير أن أحد القراء المداومين والمدمنين على جريدة الشعب كلمني من مدينة القالة متحسرا نادبا على عبارات الذم والشتم التي كالها المدعو عزالدين طهاري، زورا وبهتانا لجريدة "الشعب" وأخواتها المكتوبة والمسموعة والمرئية، وطلب مني "القارئ الكريم" أن أرد على هذا "الممسوس"، الذي تنكر لدور الصحافة العمومية وحكم عليها نهائيا بالإعدام وأطلق عليها أوصافا لا تليق بزملاء له يشتغلون بها. طلبت"الفجر" من أجل قراءة ثانية، وبالفعل كانت الصدمة كبيرة عندما تأكدت من صدق معلومات "قارئ الشعب" في مقال وقعه المدعو عزالدين طهاري، في عدد 26/ 02 /2012 صفحة 16،"تقيأ" علينا ومن خلاله على القراء الكرام /حاشاكم/ بألفاظ يندى لها الجبين.. كان على طهاري أن يطهر نفسه من دمث الحقد والضغينة والكراهية والانتقام.. وأن يتوضأ قبل المساس بسمعة الصحف التي خرّجت وزراء وسفراء وإطارات سامية، من بينهم مديرتك المحترمة السيدة حدة حزام، التي يشاع أنها مقترحة في الثلث الرئاسي لمجلس الأمة، وعميد كتاب الأعمدة غير المقترح لأي منصب لأنه يقال عنه أنه "مشاغب" وغير قابل للترويض..! وسايرت كل المراحل دون أن تسقط في تفاهات أو تدخل في متاهات الصغار. كم هم كثر أمثالك من الذين تطاولوا على وسائل الإعلام العمومي، ثم عادوا مهزومين مذلولين مدحورين متسولين في طوابير لامتناهية لعلهم يحصلون على"كرسي" أو منصب شغل يضمن لهم قوت يومهم ولو بأبخس أجرة، هروبا من بطش وظلم وجحيم معاملة مسؤولي القطاع الخاص، والاستغلال الفاحش الذي يمارسونه عليهم دون مقابل مادي يساوي الجهد المبذول..! إلا من رحم ربي. أنا على يقين لا يقبل الشك يا "طهاري" أنه لو "شرفوك" بمنصب في الإعلام العمومي، ولو بسيطا، ما كنت تفوهت بمثل هذا الكلام "البذيء" الخالي من الآداب والاحترام البعيد عن أخلاقيات المهنة، بل لكنت منبطحا إرضاء لمسؤولي القطاع الذين تحط من شأنهم اليوم، وأمثالك في هذا الباب كثيرون كذلك، لأن القاعدة أصبحت معروفة لدى الجميع، فكل من يتكلم وينظر ويثرثر كثيرا ويحاول الظهور أمام الرأي العام أنه معارض شرس لكل ما هو "سلطة" وينتقد كل شيء ويتدخل في أمور لا تعنيه ما هو إلا إنسان مصاب بمرض نفسي، كالشعور بالإقصاء وحب "الأنا" والتعطش للمسؤولية، وعلاجه يجده عند طبيب نفساني أوعند السلطة..! ألا أدلك على بعض الشخصيات التي مارست المعارضة المتطرفة، وبمجرد حصولها على مناصب هامة في الدولة تنازلت عن مبادئها وتعطلت لغة الكلام مدى الدهر وحلت محلها لغة "همهم" في السر والعلن، وبعد أن أتت على /اللحم/ كددت العظم وغابت عن الوجود..! وحتى تتأكد من أقوالي أحيلك على سنوات التسعينيات كم تجد من معارض تم اصطياده بطعم المسؤولية، وتحول إلى حمل وديع..! فأين "فلان" و"فلان" الذين أصبحوا وزراء ثم غادروا دون رجعة، وتفرغوا للتجارة وتحولوا إلى رجال أعمال كبار بعد أن جمعوا الكثير من الأموال حصدتها ألسنتهم على حساب البسطاء أمثالك وأمثالي..؟! تقول إن الصحافة العمومية المكتوبة فقدت مصداقيتها ومقروئيتها.. تجاوزها الزمن من حيث الشكل والمضمون.. باتت تصلح فقط لتزيين واجهة الأكشاك.. جرائد بدون قراء.. بائرة وكاسدة.. غير أنيقة وغير جذابة.. أقول عجبا لك ومنك ولقاموسك اللفظي الذي ينبئ عن حقد وكراهية لا حدود لها تكنها للصحافة العمومية المكتوبة، ولعل في ذلك انتقام من مسؤولي الصحف العمومية الذين قد يكونوا "فعلوا لك شيئا" عندما كنت صغيرا ولما كبرت واشتد ساعدك رميتهم..! تقول الصحافة العمومية المكتوبة فقدت مصداقيتها ومقروئيتها وكأني بك استقيت هذه المعلومة من مؤسسة لسبر الآراء أنت صاحبها، أوأنك أجهدت نفسك دون تكليف من أحد لمتابعة مقروئية الصحف العمومية "هذا المنصب شاغر في جريدتنا.. عليك أن تحضر الملف". أما فيما يتعلق بالشكل والمضمون، أتحداك إن كانت صحفكم التي تشبه الصفراء أحسن من "الشعب" إخراجا ومضمونا.. وأترك الحكم وإبداء الرأي للمتخصصين في فنيات الإخراج والتحرير.. وهنا تحضرني واقعة عشتها في ولاية الوادي، حيث نزلت ضيفا بها في إطار تكريم جريدة "الشعب" من طرف الجمعية الثقافية محمد الأمين العمودي عام1997، إذ طلب مني السيد علي بوصبيع، مدير دار الثقافة آنذاك، تحضير تدخل حول الإعلام العمومي والخاص. ارتجلت الكلمة دون تحضير، لكني اعتمدت على الواقع وخبرتي المهنية التي كانت في حدود 10 سنوات. وبعد فتح المجال للنقاش كانت أغلب تدخلات المثقفين الحاضرين، الذين اكتظت بهم القاعة، عبارة عن انتقادات للإعلام العمومي، لكن بطريقة محترمة جدا. ومن بين ما سجلوا على الإعلام العمومي المكتوب وبالأخص "الشعب" أنها لا تنشر الرأي الآخر. وهنا استرجعت مخزون ذاكرتي وقلت لهم بالحرف الواحد: "أتحدى أيا فيكم راسل الجريدة ولم ينشر مقاله.. وحتى أكون أكثر دقة قلت لهم: لقد راسلنا "فلان" و"فلان" و"فلان" بالاسم الكامل وتم نشر مقالاتهم.. إذن أنتم المثقفون الكسلاء الجبناء ولسنا نحن..!" فبهتوا وتوقفوا عن الكلام غير المباح. وكان بين لحظة وأخرى يطربنا أحد الشباب المغمورين بمقاطع غنائية وموسيقية على آلة العود، تتجاوب معها القاعة إلى حد كبير.. قاطعتهم وسألتهم: أيهما أحسن من حيث الكلمات واللحن والأداء، هذا الشاب المغمور في الوادي أم الشاب مامي؟ ففضلوا جميعا الشاب السوفي.. قلت لهم: "لماذا إذا الشاب مامي أشهر من هذا الشاب السوفي؟!" انفجرت القاعة تصفيقا لهذه المقارنة البسيطة المأخوذة من الواقع، والإسقاط الذكي وعليها انصرفنا جميعا. هذا هو حال الصحافة العمومية التي تتباكى وتذرف عليها دموع التماسيح والصحافة الخاصة التي تبجلها وتقدسها لأنك تسترزق من خربشاتك على صفحاتها وفقط! وعندما تقول إنها "ائرة وكاسدة"، نعم أنا أفضل "البائرة"المتربية،المتخلقة المحافظة على مبادئها وقيمها الأخلاقية على الأخرى الفاسدة الفاسقة التي تشوه عرضها وعرض عائلتها وأعراض الناس والحديث قياس. أما قضية "الأناقة"أذكرك بالمقولة "ليس كل ما يلمع ذهبا"، فقد يكون مغشوشا أو مدسوسا..! الأهم من كل هذا، اعلم يا طهاري أن الصحف العمومية لم تتلق دعما ماليا منذ اقرار التعددية الإعلامية 1990.. وإذا كنت تقصد الإشهار فانظر على نصف الصفحة تحت مقالك ماذا تجد؟ أليس ذلك إشهار الدولة؟ "الحسود لا يسود"..ثم ماذا لو قطعت عنكم الدولة أنبوب السيروم، الذي ينعشكم ويبقيكم أحياء "اصطناعيا" ألا يكون مصيركم الغلق والإفلاس؟ أم أن الإشهار حلال عليكم حرام علينا.. ونحن الذين اخترنا قطاع الدولة وفضلتم أنتم الخروج عن ملة الدولة..؟! إذن اتركونا لحالنا لنا دولتنا الجزائرية بمؤسساتها وهيئاتها الدستورية،ولكم أرباب العمل "الباترونا" بشركاتهم ومؤسساتهم التي تعيش وتحيا على أنقاض القطاع العام الذين ساهموا في "وأده" وهو مازال قادرا على العطاء..! وإذا كنت لا تدري أنك لا تدري، وتلك مصيبة أعظم، أن مداخيل إشهار الخواص تذهب إلى جيوبهم وحساباتهم البنكية بالمفرد والمثنى والجمع،أما الصحافة العمومية فلا تستفيد إلا من نسبة ضئيلة من المداخيل والباقي يوجه إلى خزينة الدولة..! فلماذا تتعب نفسك بمراقبتنا ومحاسبتنا وأنت غير مؤهل أو مخول لذلك..؟ وإني أذكرك بالحكمة القائلة "من راقب الناس مات هما"، لعل الذكرى تنفع وتحاسب نفسك قبل أن تحاسب..!