يثار، هذه الأيام، لغط إعلامي بخصوص ما اعتبر تفريطا من دولة الجزائر في الشاب مامي الذي يقضي 5 سنوات سجنا في فرنسا بسبب فضيحة متبوعة بجريمة ارتكبت في الجزائر··! الفنان قيل إنه كان ضحية لمؤامرة حيكت له من طرف حسناء يهودية! والحقيقة أن قضية مامي لا تختلف عن قضية خالد، وأن مشكلة نجوم الفن ونجوم الكرة عندنا هي أنهم بلا ثقافة، ولذلك يحدث لهم ما يحدث من مآس! قوة مامي هي صوته، وهي موهبة طبيعية لاعلاقة لها بأي تكوين ثقافي·· تماما مثلما هي موهبة ماجر أو بلومي في قدَمه·· ولاعلاقة لذلك بما في الرأس! من المؤسف حقا أن يحكم على مامي من طرف القضاء الفرنسي بما حكم عليه به·· لكن المؤسف أكثر أن العملية أو المخالفة أوالجريمة أوالخديعة وقعت أطوارها في الجزائر وكان من الواجب أن يحاكم في الجزائر·· ولكن عدالة فرنسا أعطت درسا، كالعادة، لعدالة الجزائر في هذه القضية··! لقد تابعتُ أطوار المحاكمة كما نقلتها الصحافة·· وهالني في البداية سؤال القاضية الفرنسية لمامي: هل حقيقة لك علاقات خاصة مع الرئيس بوتفليقة؟! واعتبرت مثل هذا السؤال من قاضية فرنسية وقاحة·· لكن عندما عرفنا أن المخالفة الإجهاضية التي قام بها مامي ضد عشيقته تمت في الجزائر وأن السلطات الجزائرية كانت على علم ولم تحرك ساكنا·· عندما عرفت ذلك عذرت القاضية الفرنسية على سؤالها··! ماذا لو تمت محاكمة مامي في الجزائر؟ هل كان ليعاقَب بمثل هذا الحكم القاسي··! في فرنسا الناس جميعهم تحت القانون بمن فيهم رئيس جمهورية فرنسا··! أما في الجزائر فمنشار القانون لا يطال بعض الناس بمن فيهم مامي··! ولذلك حدث ما حدث! مامي سبق له أن اشترى بيت الكاتب الجزائري الشهير مصطفى الأشرف من زوجته الإسبانية·· ! وحول له الصفقة عبد المؤمن خليفة·· ولكن الفنان لم يرد اسمه في موضوع محاكمة الخليفة كما حدث للعديد من الناس الذين تورطوا في القضية، ومنهم نجوم كرة القدم··! ترى لماذا إذن لم تأخذ الجزائر مسألة مامي في فرنسا مأخذ الجد كما حدث له في الجزائر··؟! وبعبارة أخرى لماذا لم يُعتبر شخصية وطنية تجب حمايتها من القانون الفرنسي؟! لعل بعض الناس كانوا يريدون من السلطة في الجزائر أن تختطف مامي من باريس من يد القضاء الفرنسي وترحله في طائرة خاصة·· مثلما فعلت مع الجنرال خالد نزار ذات مرة؟! هل ارتكب مامي خطأه التاريخي حين سلّم نفسه للقضاء الفرنسي، كما فعل خالد نزار ذات يوم وكاد أن يحكم عليه؟! لقد كتبت في ذلك الوقت ألوم نزار على ثقته في القضاء الفرنسي·· وقلت في عمود: إنني كجزائري حرّ أرفض أن يحاكم من قادة الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير، من طرف محكمة ابتدائية في حي باريس مع جماعة المخدرات·· ومومسات ''بفال''··! وأن يحاكموه بقضية تخص الجيش الوطني الشعبي·· فإذا أردوا أن يحاكموه في هذه المحكمة فليكن ولكن يحاكموه على قضية أخرى تخص الجيش الفرنسي··! وهي خيانته لجيش فرنسا عام 1959 عندما هرب منه والتحق بجيش التحرير··! أو يحاكموه في محكمة خاصة كبرى كما حوكم بينوشي·· أما إهانته بهذا الشكل في محكمة الأحداث والمخدرات والبغاء فإنه أمر مرفوض·· ويجب على الجنرال نزار أن لا يذهب إلى هذه المحكمة··! مشكلة نجومنا في السياسة والفن والرياضة هي نقص تكوينهم في الثقافة العامة· في سنة 1984 صرح النجم الكروي ماجر مزهوا بانتصارات الجزائر في مونديال 1982 فقال لوكالة الأنباء الفرنسية: ''إن الجزائر لا ينبغي أن تلعب مع إفريقيا السوداء·· فمستواها أوروبي''، واهتزت صحيفة ''لوسولاي'' السينغالية لهذا التصريح العنصري من النجم الكروي الجزائري·· وتولت الصحافة الجزائرية آنذاك (المجاهد والشعب) الدفاع عن النجم ماجر، فكتبنا في الشعب:إنها زلة لسان ولا يقصد المحتوى العنصري الذي أوردته وكالة الأنباء الفرنسية على لسانه··! ولكن ماجر حضر إلى مقر جريدة الشعب وقابل رئيس القسم الرياضي في الجريدة آنذاك مسعود قادري وقال له:إن ما كتبتموه غير صحيح فإني أقصد ما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية وفهمته ''لوسولاي'' السينغالية··! وكنت وقتها في منصب رئيس تحرير الجريدة، وقلت لمسعود قادري لا أريد رؤيته مادام هذا هو مستواه وعقله في قدميه فقط··! واليوم أحس بالحزن الشديد كلما رأيت النجم لخضر بلومي يهان من حيث يعتقد أنه يكرّم·· فهل يعقل أن تدفع له الدولة الجزائرية ملايين الدولارات لرفع حالة البحث عنه من طرف البوليس الدولي·· وتعجز عن دفع تذكرة عمرة له فيقوم تاجر إعلامي بدفع التذكرة لبلومي، ثم يعلن ذلك في الجريدة، وينسب له القول بأنه دعا لوالد التاجر الذي لا يعرفه وطلب اسمه من عند أحد رفقائه ودعا له عند قبر الرسول؟! أو يلبس قميصا فيه ''شكرا لك يا فلان مكتوبة على بطنه ثم يصوّر وتنشر صوره في الجرائد··! ولو كان المسكين يعرف بأن تلك الأمور تساوي الملايير في عرف الإشهار لما قبل بمنحها هكذا بآلاف الدينارات فقط؟! وبطريقة تسيء إليه! فهولاء التجار الذين ''هفّوا'' العباد في الجزائر يريدون ''هف'' خالق السموات في البقاع المقدسة بواسطة النجوم الأبرياء مثل النجم بلومي··! ما أريد قوله في هذه الصيحة هو أن المحدودية الثقافية والحضارية لنجوم الفن والكرة وحتى السياسة، هي التي تدفع إلى مثل هذه الممارسات التي أصابت مامي وأصابت الشاب خالد·· وهي تستغل في ''نية'' بلومي··!