يسدل الستار اليوم على الحملة الانتخابية لاستحقاقات العاشر ماي، بعد تنافس 44 تشكيلة سياسية مختلفة البرامج والاديولوجيات على 21 مليون ناخب، وهي الحملة التي شهدت عدة استثناءات لم يسبق وأن سجلتها تشريعيات 2002 و2007، أهمها على الإطلاق خروج الرئيس لتنشيط الحملة ومشاركة 44 حزبا، فضلا عن دخول الأفافاس وجاب الله في السباق الانتخابي. من بين أهم الاستثناءات التي سجلتها الحملة الانتخابية للعاشر ماي، هي تشكيل لجنة مستقلة للقضاء للسهر على السير الحسن للانتخابات ورعاية شفافيتها، فضلا عن تنوع اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات، التي ضمت جميع التشكيلات المشاركة وساهمت في تحقيق قدر كبير من مطالب الأحزاب المتنافسة، باعتبارها وسيطا بين هذه الأخيرة ووزارة الداخلية والجماعات المحلية ووزارة العدل، الأمر الذي لم يتحقق في الانتخابات الماضية، حيث كانت وزارة الداخلية هي الآمر الناهي. وتواصلت الاستثناءات الخاصة بالحملة الانتخابية، التي حتى وإن ميزها الفتور في العموم، إلا أن الانفراد وبروز ممارسات سياسية لأول مرة صنع الحدث، ومنها مثلا وجود تكتل إسلامي في القوائم الانتخابية ممثلا في حمس والإصلاح والنهضة. كما ساهمت الوجوه التي عادت للساحة السياسية بعد غياب طويل في إعطاء نكهة للحملة الانتخابية، سيما بالنسبة لجبهة القوى الاشتراكية الذي سجل حضورا مميزا بمنطقة القبائل والمناطق الجنوبية التي تتوزع بها عدة فدراليات للحزب، ونفس أجواء الحماس الانتخابي صنعها الشيخ عبد الله جاب الله، تحت غطاء حزبه الجديد. كما لم يخل بيت الآفلان من المفاجآت وكانت هذه المرة قوية جدا، حيث خرج المناضلون أياما فقط قبل انطلاق الحملة في حملة سحب الثقة من الأمين العام للحزب، احتجاجا على القوائم الانتخابية، وهي الحملة التي تواصلت حتى الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية، حيث أصدر معارضو بلخادم بيانا يقولون فيه إنهم يدعون الغاضبون للتصويت على قوائم الآفلان، حرصا على مصلحة الحزب، مؤجلين سحب الثقة إلى ما بعد العاشر ماي. وكانت القنوات التلفزيونية الخاصة الناشطة هي الأخرى، جزءا مميزا من الحملة الانتخابية للاستحقاقات العاشر ماي، حيث كانت فضاء رحبا للمتنافسين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم، وهناك من اختار المهجر لبث نشاطه، مثلما هو الأمر بالنسبة لقناة "البيضاء" ذات التوجه الإسلامي. وميز التواجد العددي للنساء بالقوائم الانتخابية لمختلف التشكيلات السياسية، بموجب فحوى القانون العضوي لترقية التواجد النسوي في المجالس المنتخبة، انتخابات 2012 عن سابقاتها، حيث لم يسبق مثلا وأن أدرجت الأحزاب الإسلامية مترشحات بقوائمها الأمر الذي تغير، خاصة بالنسبة لولاية غرداية والجنوب الكبير . كما يعد العدد الهائل من المراقبين الدوليين الذين استدعتهم الجزائر للإشراف على الاستحقاقات القادمة نقطة جدا نوعية وجديدة بالنسبة للجزائر، حيث لم يسبق وأن شهدت الجزائر حضور هذا العدد من المراقبين، فضلا عن هذا سمح تنوعهم بإعطاء انطباع لدى الرأي العام الدولي والوطني أن هناك شفافية وأن نتائج الاقتراع ستكون ذات مصداقية كبيرة والدليل أنهم يمثلون كل من الاتحاد الأوروبي، الجامعة العربية، الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة ومنظمتان مستقلتان أمريكيتان، هما المعهد الديمقراطي الأمريكي ومنظمة كارتر. ويظهر الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية لحث الجزائريين على التصويت بقوة يوم 10 ماي، بل انطلاق الحملة الانتخابية، مشبها ذلك باستقلال ثان للجزائر، كأهم استثناء، خاصة وأنه حريص على تقديم تطعيم ثان ضد مقاطعة الانتخابات بمناسبة نزوله في زيارة رسمية لولاية سطيف المقررة غدا الاثنين.