قطر وليبيا يخاطبان ساركوزي وجوبيه بلغة ”الدنيا مع الواقف” أعطى فوز فرانسوا هولاند بمنصب رئيس فرنسا الضوء الأخضر للجزائريين ليس فقط من الذين يقيمون في فرنسا لإعلان فرحتهم بطرق مختلفة امتدت بعناوين بارزة على صدر صفحات التواصل الاجتماعي الجزائرية والإعلامية، وصولا إلى تصريحات المراقبين والخبراء والسياسيين الجزائريين، الذين لم يتردد البعض منهم في وصف فوز ثاني شخصية اشتراكية بمقعد رئيس الجمهورية الفرنسية الخامسة بأنه نصر لطموحات الجزائر في المنطقة وإعادة مكانتها الدولية. من رفع راية ”ارحل” في وجه ساركوزي إلى التلويح براية ”باي باي ساركوزي”، ورفع الأعلام الجزائرية في ساحة ”لاباستيل” بباريس التي شهدت احتفال الفرنسيين من أنصار هولاند بهذا ”الربيع الاشتراكي”، تميزت التهاني الجزائرية طارحة معها العديد من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية التي جعلت من فرحة الجزائريين بفوز هولاند توازي فرحة أنصار الحزب الاشتراكي الفرنسي. وإن كانت فرحة الاشتراكيين في فرنسا مبررة خصوصا وأنها تأتي بعد أزيد من 17 سنة لم يعرف فيها قصر الإليزيه رئيسا من خارج تيار اليمين، إلا أن تسجيل الجزائريين لحضورهم القوي في الاحتفالات أقلق اليمين الفرنسي، معتبرين فرحة الجزائريين بهذا الحجم لفوز هولاند تهديد للهوية الفرنسية ، كما قال نائب رئيس الجبهة الوطنية، لويس ألبيوت: ”لقد لاحظت العديد من الأعلام الجزائرية تحتفل بفوز فرانسوا هولاند، لقد كنت مندهشا حقا وأنا أرها تحي هولاند”. طريقة فرح الجزائريين بفوز هولاند تعود بنا إلى دفاتر الانتخابات الأمريكية سنة 2008 والتي فاز بها الرئيس الأمريكي الحالي بارك أوباما الذي احتفلت به الدول العربية باعتباره نصرا عظيما سينقل العالم العربي إلى مراحل متطورة تبلغ في مداها تهديد مستقبل الولاياتالمتحدة وإسرائيل! وفترة ولاية أوباما أثبتت عكس ذلك حيث ظهر أوباما في جميع محطاته السياسية أكثر ولاء لإسرائيل من كل رؤساء الولاياتالمتحدة الذين سبقوه وينظر المهاجرون في فرنسا لفوز هولاند بأنه نصر لحقوقهم السياسية والإدارية المهضومة بين فكي اليمين واليمين المتطرف الذي نجح ساركوزي في تنفيذ أجندتهم طوال السنوات الخمس التي حكم فيها فرنسا وهي الزاوية ذاتها التي ينظر من خلالها الشارع الجزائري إلى فوز هولاند، ويعلق الجزائريون الكثير من الآمال على أن يقوم هولاند بتحقيق المزيد من دعم العلاقات الجزائرية الفرنسية بكيفية تمنح من حظوظهم في تسهيل إجراءات الهجرة إلى فرنسا وإن كانت الفرحة الجزائرية الكبيرة بفوز هولاند مرت على هامش الإعلام الفرنسي الذي انشغل بتسليط الضوء على تداعيات فوز هولاند على العلاقات الفرنسية الأوروبية وتحديدا مع ألمانيا، بينما اكتفى بالتعليق على الحضور البارز للعلم الجزائري الذي شاطر الأعلام العربية فرحة أنصار هولاند في ساحة لاباستيل. وإن كانت هذه الصورة التي صنعت المشهد الجزائري بطريقة أكثر ”عاطفية ”، إلا أن المصالح دفعت بكل من قطر وليبيا، الدولتين الأبرز في ”الربيع العربي”، إلى مخاطبة ساركوزي ووزير خارجيته آلان جوبيه بلغة ”الدنيا مع الواقف” فرغم الدور الكبير الذي لعبه ساركوزي في تعزيز إستراتجية قطر في ”الربيع العربي” و ما أداه من مهمة مستحيلة في ليبيا للإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، إلا أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني سارع إلى تهنئة هولاند، ولم يشر مطلقا إلى ساركوزى الذي أقام علاقات ممتازة معه وخصوصا إبان الحملة على ليبيا التي شاركت فيها قطر إلى جانب فرنسا، كما لم يرد أي تعليق حول خسارة ساركوزي من أعضاء المجلس الانتقالي الليبي الذين يرجع الفضل الأكبر في ولادتهم إلى ساركوزي. علال. م ”الربيع اشتراكي” في فرنسا .. والفرحة جزائرية! قصر الإليزيه .. إلى اليسار دُرْ بعد غياب دام 17 سنة ظلت فيه مقاليد الحكم في فرنسا بيد اليمين، يستعد الرئيس الفرنسي المنتخب، فرانسوا هولاند، لاستلام مفاتيح قصر الإليزيه في 15 ماي الجاري بصفته الرئيس الاشتراكي الثاني في الجمهورية الفرنسية الخامسة، بموجب اتفاق نقل السلطة بين ساركوزي وهولاند الذي تم الإعلان عنها أمس. وتلقى هولاند التهاني من جميع دول العالم الكبرى، من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كما تعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها ستستقبل هولاند بالترحاب عندما يقوم بزيارة ألمانيا، هذا وظل الترحيب الجزائري بفوز هولاند يعد الأكثر تميزا والأكثر لفتا للأنظار.