يشهد قطاع السكن ارتباكا واضحا خلال الأشهر الأخيرة بالولاية جيجل جراء الارتفاع الفاحش في أسعار مواد البناء، وفي مقدمتها مادة الإسمنت التي عطلت عديد المشاريع السكنية سواء كانت عامة موجهة للمواطنين في إطار السكن الاجتماعي والترقوي والتساهمي والريفي أو خاصة تتصل بالمشاريع الفردية. شكل ارتفاع مؤشر سعر مادة الإسمنت خلال الأسابيع الأخيرة حديث العام والخاص بمختلف بلديات الولاية جيجل من بلديتي سيدي معروف وغبالة شرقا إلى زيامة منصورية غربا، لكون الزيادات المتواصلة قد أرهقت أصحاب المشاريع السكنية من مقاولين ومرقين ومواطنين مستفيدين من السكن الريفي، وأدت إلى عرقلة بناء سكناتهم وتوقف العديد منها. وتبين الجولة التي قامت بها “الفجر”، إلى مختلف الحظائر لمختصة في بيع مادة الإسمنت على مستوى البلديات الشرقية للولاية، ويتعلق الأمر بالميلية والعنصر وسيدي معروف، إلا أن أسعار المادة المذكورة تتراوح عموما بين 600 و700 دج وهي مرشحة للارتفاع يوميا برأي الباعة الذين تحدثنا إليهم، بسبب المضاربة التي ينتهجها الوسطاء المتحكمون في سوق الإسمنت، حيث صاروا يفرضون منطقهم على عمليات شراء هذه المادة من المستوردين لها من دولتي إسبانيا والبرتغال وكذا بيعها لحظائر البيع بالتجزئة، وقد زاد نقص الإنتاج الوطني لها وتوقف عديد مصانع إنتاجها ببعض ولايات الوطن في تعقيد الأزمة وخدمة المستوردين وأذنابهم الوسطاء الذين يحققون أرباحا طائلة من وراء بيع الإسمنت دون حسيب أو رقيب، لأن مصالح التجارة ذاتها عجزت بحسب مصادرنا عن وضع آليات رقابية صارمة لقمع هؤلاء الوسطاء الذين عاثوا في سوق الإسمنت فسادا، على اعتبار أن المواطن هو الأول والأخير الذي يدفع فاتورة الأسعار الجهنمية المرتفعة. من جانبهم، كشف مقاولون من الذين فازوا بصفقات إنجاز مشاريع سكنية وكذا المشاريع المتعلقة بقطاع الري، بأن الوضع لم يعد يحتمل بفعل الزيادات المتواصلة لسعر مادة الإسمنت، وأن عديد المشاريع قد توقفت كحتمية للوضع القائم، لأن الأسعار الموثقة في دفاتر الشروط والصفقات لم تتجاوز 400 دج، ما أدى إلى تأثرهم على خلفية الفارق القائم الذي سيدفع من جيوب المقاولين، الذين أضافوا بأنه على السلطات المعنية التحرك لإنصافهم، لأنه من غير المعقول أن يتم إنجاز سكنات في كافة صيغه وأنواعه من دون تحقيق أرباح، كما أنهم يشتكون من عجزهم في دفع حقوق عمالهم من أجور ورواتب مستحقة.وفي الوقت الذي استفاد آلاف المواطنين من السكن الريفي، لا سيما على مستوى البلديات النائية كأولاد رابح وغبالة وأولاد يحي بلهادف، إلا أن بعضهم قد اصطدم بغلاء مادة الإسمنت، حيث فشلوا في إنجاز سكناتهم أو استكمالها، على اعتبار أن إعانات الدولة الموجهة للسكن الريفي لا تزال تراوح مكانها ولم تتعد 70 مليون سنتيم، وهو الغلاف المالي الذي لا يغطي حاليا إلا مصاريف 50 بالمائة من السكن.