الجيش الحر يخرب "مطاعم البوهالي" الجزائري أكدت عائلات جزائرية عادت مؤخرا إلى أرض الوطن من سوريا أنها عاشت الجحيم وأهواله هناك وذلك منذ أزيد من عام، فيما تعرض بعض الجزائريين لتهديدات بالتصفية الجسدية خلال أحداث العنف التي اجتاحت المدن السورية مؤخرا، الأمر الذي أجبرها على حزم أمتعتها ومغادرة الأراضي السورية تاركة وراءها ممتلكاتها. أكدت وزارة الشؤون الخارجية على وضع تسهيلات استثنائية وغير مسبوقة لكل الراغبين في مغادرة الأراضي السورية بعد ورود أنباء و تقارير إعلامية عن وجود المئات من العائلات الجزائرية عالقة في مطار دمشق وبعض المدن السورية إثر تعرضها لتهديدات ومقتل عدد منهم لم يتم تحديد هويتهم. ويؤكد موسى بن زواي (50 سنة)، في حديثه ل “الفجر”، أنه ترك مدينة عين مليلة مع أفراد أسرته المتكونة من زوجة وولدين في العام 1999 واستقر في العاصمة السورية دمشق أين عثر على عمل يمكنه من إعالة أسرته الصغيرة. ويقول موسى إنه اضطر بداية شهر جويلية الجاري لترك جميع ممتلكاته ببيته في دمشق وقام على عجالة من أمره بحزم أمتعته وحاجياته الثمينة في حقائب تأهبا للسفر بعد أن تلقى تهديدا من عصابات مجهولة طالبت الجزائريين بمغادرة سوريا فورا وأضاف أن أغلب الجزائريين المقيمين في دمشق قرروا العودة باستثناء أعداد قليلة فضلت البقاء هناك لأسباب متنوعة. جزائريون عادوا من بلاد الشام سالمين غير غانمين! أما مسعود لوز (55 سنة) من بلدية أولاد قاسم، فيقول إن أحداث العنف التي دارت في الجزائر خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي دفعته إلى السفر إلى سوريا والإقامة فيها مع زوجته وهناك رُزق بطفلين هما لؤي وجهاد. ويقول إنه كان يعيش في أمان طيلة 15 سنة كاملة دون أن يتعرض لمضايقات وجميع السوريين يعتبرون الجزائريين إخوانا لهم، لكن تأزم الوضع الأمني في سوريا وانعكاس ذلك على أوضاع الجزائريين المقيمين هناك دعته إلى العودة إلى بلده لاسيما أن ابنه تعرض مؤخرا إلى تهديد بالتصفية من قبل جماعات مسلحة مجهولة في سوريا ما اضطره لحزم أمتعته والعودة إلى الجزائر. فيما يقول كمال الدين بن قاسمية ل “الفجر” إن محله التجاري المتواجد بإحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق قد تعرض إلى الحرق العمدي من طرف جماعة مسلحة مجهولة الهوية والعدد وأن تدهور الأوضاع الأمنية جعل من الصعب إيداع شكوى رسمية لدى السلطات الأمنية السورية وما كان عليه على ضوء هذه الظروف الأمنية المتدهورة إلاّ حزم أمتعته وشدّ الرحال إلى أرض الوطن وهو يجر أذيال الخيبة، لكن المهم أنه عاد سالما وليس غانما. كما عاد حوالي 10 طلبة جزائريين ينحدرون من ولاية أم البواقي كانوا يزاولون دراستهم الجامعية بسوريا بعد تدهور الوضع الأمني وتذبذب الدراسة. أما بوهالي الهامل، وهو صاحب عدد من المطاعم المختصة في تقديم الأكلات الجزائرية التقليدية بعدد من مدن سوريا، فقد اضطرته الظروف الأمنية المتدهورة ببلاد الشام إلى الفرار بجلده دون ماله، حيث ترك جميع ممتلكاته وأمواله بسوريا وفضل إنقاذ نفسه بمعية عائلته، حيث عاد إلى مسقط رأسه الفزقية ببلدية أولاد قاسم منذ حوالي 10 أيام فقط. ويقول عن الوضع في سوريا إنه يتجه نحو التأزم والمزيد من التدهور والانزلاق وأن الخطر انتقل بصفة فعلية إلى ضواحي العاصمة دمشق وأن منتمين إلى الجيش السوري الحر قد عاثوا فسادا وتخريبا في ممتلكاته، حيث قاموا بتخريب مطاعمه الأربعة المتواجدة بكل من دمشق، درعا، السويداء وحمص وهددوه بالتصفية الجسدية في حال عدم مغادرته البلاد. عودة ألف جزائري إلى أرض الوطن ويؤكد مصدر مسؤول بشركة الخطوط الجوية الجزائرية ل “الفجر” أنه تم نقل 250 جزائري جوًا من دمشق منذ شهر ماي الماضي وحتى الأسبوع الأول من شهر جويلية الجاري وأكد وصول عدد العائدين إلى أرض الوطن إلى نحو ألف شخص عبر رحلات الخطوط الجوية الجزائرية. وكان الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية، عمار بلاني، قد أوضح أنه: “وبالنسبة للعائلات الجزائرية المتبقية في سوريا فتقترح الشركة الوطنية للخطوط الجزائرية تخفيضات معتبرة (30 بالمائة) بالنسبة للعائلات المعوزة التي تريد السفر على الرحلة دمشق-الجزائر”، علما أن الشركة تنظم ثلاث رحلات في الأسبوع، ودعا المتحدث إلى تقديم مزيد من التسهيلات بقوله: “سنلتمس من شركتنا الوطنية أن تصل هذه التخفيضات إلى 50 بالمائة لمراعاة وضعية مواطنينا المعوزين”. وحسب توضيحات الناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية فإن “ سفارة الجزائر في سوريا وفي إطار اتصالاتها اليومية مع ممثلي الجالية الجزائرية قدمت دعمها المالي لأكثر من 300 عائلة جزائرية معوزة”، وأنها تكفّلت كذلك ب “إيواء بعض العائلات التي اضطرت للهروب من بعض المحافظات السورية التي شهدت تدهورا كبيرا في الأوضاع الأمنية في فنادق بالعاصمة”. من جانبه، كشف مصدر رفيع المستوى أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أعطى تعليمات صارمة وفورية بإجلاء جميع الرعايا الجزائريين من سوريا من خلال نقلهم جوا ومجانا وذلك قبل حلول عيد الفطر. تعداد الجزائريين في سوريا 5400 شخص وأفاد بعض الجزائريين العائدين من سوريا ل”الفجر” أن الجزائريين المقيمين في سوريا يعيشون حاليا أوضاعا جد صعبة نتيجة الأحداث الأمنية التي يعرفها هذا البلد، ودفعت بالبعض منهم للرحيل إلى الجزائر والنزوح إلى الدول المجاورة لسوريا كلبنان، الأردن وتركيا، في انتظار ما ستقرره الحكومة الجزائرية التي عادة ما تتماطل - دون أي تبريرات مقنعة - في إجلاء رعاياها قبل أن يمسهم أي مكروه. وحسب مصدر دبلوماسي مسؤول، فإن عدد الجزائريين المقيمين في سوريا يبلغ 5400 شخص، يقطن معظمهم في العاصمة دمشق، دون الحديث عن السوريين ذوي الأصول الجزائرية، وهو ما يكشف النزوح الكبير لهؤلاء والذي وصل بحسب بعض الأرقام الى أكثر من 30 ألف سوري فرّوا من تدهور الأوضاع الأمنية.