هل هي نهاية شهر العسل بين المرزوقي وحاكم قرطاج الجديد الفعلي الغنوشي؟ الرئيس التونسي الذي انتقد منذ أيام مشروع الدستور النهضاوي وقال إن قضية المساواة بين المرأة والرجل لا رجعة فيها، خرج أمس من جديد منتقدا الحزب الحاكم في تونس، وقال إنه يمارس نفس الأساليب التي كان يمارسها بن علي المخلوع! الإعلام التونسي صفق طويلا لمواقف المرزوقي هذه التي عبر عنها في خطاب أرسله إلى مؤتمر حزبه "المؤتمر من أجل الجمهورية". واعتبر هذا الموقف "صحوة" من قبل الرجل الذي خف صوته منذ تحالفه مع النهضة واختياره رئيسا للجمهورية في مرحلة انتقالية. لم يحدد المرزوقي ما يقصد بمحاولة النهضة بالسعي إلى السيطرة على مفاصل الدولة، هل لأن هذه الحركة بدأت تتراجع عن القرار القاضي بانتخاب مجلس تأسيسي وحكومة انتقالية لمدة سنة في انتظار وضع دستور للبلاد ثم المرور إلى المراحل الأخرى في بناء تونس الجديدة؟ فالنهضة بدأت تصرح بأن الحكومة ستبقى لغاية 2013 وما بعد، ما يعني أن النهضة لا تريد أن تغامر في انتخابات أخرى قد تخسر فيها الأغلبية التي تسمح لها بإنشاء حكومتها، خاصة أمام تعاظم موجة العنف السلفي الذي تحصد النهضة "ثماره" برفضها إدانته أو ملاحقة المتسببين فيه، حتى أن زعيمها الغنوشي صرح بشأن السلفيين التوانسة بأنهم يؤسسون لثقافة جديدة في تونس!؟ ومع أن المرزوقي انتقد لأول مرة حلفاءه في الحكومة، إلا أن انتقاده هذا جاء محتشما ولم يضع الأصبع على الجرح مثلما ينتظره التوانسة، فهو لم يتحدث عن الطريقة التي بدأ بها رجال الغنوشي وأصهاره وذووه يسيطرون على المال والاقتصاد في تونس، وكيف منح الغنوشي اعتماد فتح مطاعم "ماك دونالد" لشقيقه، وكيف يناضل إطارات البنك المركزي لحماية المال العام من أطماع الغنوشي، ما أجبر مؤخرا المدير العام للبنك المركزي على الاستقالة، بسبب ضغوط النهضة وطمعها. ومهما تكن حقيقة ما دفع بالمرزوقي إلى انتقاد حلفائه الأساسيين في الحكم، إن جاء دفعا للاتهامات التي وجهت إليه بأنه أصبح نهضاويا أكثر من النهضاويين وتراجع عن مبادئ اليسار التي أتت به إلى الحكم، إلى درجة أصبح ينصح البلدان العربية الأخرى ومنها الجزائر بالسماح للاسلاميين بالوصول إلى الحكم، فإن كلام الرجل جاء متأخرا وكان بإمكانه أن يرفض كرئيس جمهورية بعض التعيينات مثل منصب وزير الخارجية الذي أوكل إلى صهر الغنوشي وصحبته ردود أفعال رافضة في تونس رأت في ذلك نفس ممارسات الطرابلسية.