قبل سنوات قليلة، قرّر الروائي (سابقا) ورئيس حزب سياسي (حاليا)، عبد العزيز غرمول، إطلاق مجلة متخصصة بالفكر والأدب تحت تسمية "النخبة" لكن مشروعه تعطّل لأسباب ما، أجزم أن أهمها هو اقتناع صاحب رواية "11 سبتمبر"، بأن النخبة التي تحدّث عنها غير موجودة أصلا في الجزائر (هو حكم أعرف أنه سيغضب بعضهم). تذكّرت مشروع غرمول المعطّل، وأنا أتابع ما تفعله النخبة - بسلبياتها وإيجابياتها - في مصر، على خلفية الورطة السياسية التي وضع الرئيس مرسي نفسه فيها، بإعلانه الدستوري الخارق لمفهوم الدولة الديمقراطية التي قامت من أجلها ثورة "25 يناير"؛ حيث انتفضت المرجعيات الفكرية والقانونية والأدبية وحتى الفنية في وجه قرار مرسي الخطير، وانخرطت نخبة مصر في حملة إعلامية مضادة، من أجل تعطيل المشروع الإخواني الذي يحاول غلق دومينو الثورة المصرية ب "الدوبل سيس". اجتهدت وأنا أتابع مشاهد تلك الحملة النخبوية المصرية، في تخيّل ملامح نخبة جزائرية مفترضة بوسعها أن تتصدر مشهد الأحداث "الكبرى" في الجزائر، إذا وقعت، وبحثت عن أسماء جديرة بهذا الوصف في شتى الميادين الفكرية والأدبية والفنية لكن خيالي كتب لي "error"، بعد أن أحالني إلى تجربة غرمول المعطّلة. الحاصول، في نهاية القرن التاسع عشر، قسّم الباحث الاقتصادي والاجتماعي الإيطالي ويلفريد باريتو، المجتمع إلى طبقتين الأولى: الطبقة أو النُّخبة العليا التي تنحل بدورها إلى نخب حاكمة ونخب غير حاكمة، والثانية: الطبقة السُّلفى أو غير النُّخبوية. ما يعني وجود ثلاث طبقات متداخلة ومتفارقة من الطبقات، هي: الطبقة السُّلفى، الطبقة النُّخبوية والطبقة غير النُّخبوية. أظن أنه لو بعث باريتو من قبره اليوم وعرضوا عليه تحليل المجتمع الجزائري، وتحديد طبقاته لاعتزل التنظير خصوصا إذا حظر إحدى تجمعات الحملة الانتخابية لبونجمة، بوعشة، بوشرمة، بوخزنة أو حتى غرمول.