في إطار تعليمات المديرية العامة للأمن الوطني لتنظيم خرجات ميدانية ومداهمات لأوكار الجريمة والرذيلة، كانت الوجهة بلدية حجوط المعروفة لدى العامة ب”مارانغو”، حيث شارك في هذه الخرجة مختلف مصالح الأمن الوطني لولاية تيبازة، حيث جاؤوا لتدعيم رجال شرطة دائرة حجوط. ”الفجر” رافقت الرجال، حيث أحسسنا عندها أن الأمن أخلط حسابات ومخططات المنحرفين في التحرك وتطويق خططهم في إيذاء الناس، فالمهم اليوم منع حدوث أي جريمة يروح ضحيتها مواطن بريء. كانت الساعة تشير إلى الخامسة عندما وصلنا إلى دوار بلعيد، وهو حي قصديري مئة بالمائة، معروف بالمشاكل الكثيرة، ما استوجب تدخلا متكررا للشرطة أسفر عن الإطاحة بعصابة مختصة في السرقة والإعتداءات بالأسلحة البيضاء وزجهم في السجن. غير بعيد عنا أوقف شرطي شابا، هذا الأخير يتساءل عن السبب، ليرد عليه الشرطي أنه لايوجد سبب معين وإنما مجرد إجرء قانوني عادي. واصلنا السير في الدوار حيث تنبعث روائح كريهة من الطريق المليء بالأوساخ والوحل الناتج عن تهاطل الأمطار، لنصل إلى محلات الرئيس التي أرادها أن تكون لصالح وفائدة البطالين، لكن ”بريكولاج” القائمين على تنفيذ هذا المشروع بين أنها لم ترق إلى درجة هذا الطموح، كونها تعيش وضعا كارثيا للإهمال الواضح للعيان وتحولها إلى مرتع للمنحرفين، حيث وقفت ”الفجر” على هذه الحقيقة المرة في حدود الساعة الخامسة، أين تم العثور بداخل محل على أربعة كهول كانوا في جلسة خمر، وعند الحديث مع أحدهم، وهو كهل في 43 سنة، ظل يرواغ الشرطة ويقول ”أنا هنا لأحرس المحلات من الشباب الطائش الذين يخربشون في الحيطان ويرسمون ويكتبون كلاما بذيئا”.. لأن لديه أطفال يمرون من المكان ولا يريدهم أن يقرأوا ما هو مكتوب على الجدران.. بدون تعليق!. غادرنا محلات الرئيس وتركناها وكأنها تعرضت لقصف، خرجنا من الفوضى العارمة نحو طريق معلوم، نحو 100 مسكن.. وهذا هو الفرق بين حي فوضوي وحي قانوني. عندما تراءى لنا هذا الحي روادني الإحساس بالطمأنينة والراحة كمن يخرج من الظلام إلى النور. هنا لم يشد انتباه رجال الأمن أي مشتبه، باستثناء دراجة نارية قام شرطي بتفتيشها جيدا دون العثور على شيء. يقول رجل الأمن إن مسألة التواجد الأمني على مدار الساعة هو هدف أساسي لسلامة الوطن والمواطن ولحماية ممتلكاتهم، في الطريق استوقفتنا سيارة من نوع ”ماروتي” على متنها أربعة شبان بمجرد أن لمحوا رجال الأمن حتى كشفوا أنهم تعرضوا لاعتداء بالأسلحة البيضاء بطريق سيدي راشد مع سرقة مبلغ 20 مليون سنتيم من طرف شبان آخرين كانوا على متن سيارة من نوع ”بارتنار”. الشرطة نصحتهم بإيداع شكوى رسمية لدى شرطة سيدي راشد. واصلنا السير وتوقفنا عند المحلات التجارية التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري، كانت مغلقة وغير مستغلة، لاحظ رجال الأمن باب أحد المحلات مفتوحا، ما دفعهم لتفتيشه، المحل معروف لدى الشرطة لأنهم منذ 20 يوما ألقوا القبض على شخصين كانا يحترفان منذ سنة 2010 سرقة السيارات والمنازل تحت غطاء حراسة موقف السيارات، حيث كانا يتخذان من هذا المحل مكانا للإقامة فيه. الشرطة طالبت من ديوان الترقية والتسيير العقاري الإهتمام بمحلاتها، حيث قامت هذه الأخيرة بإحكام غلقها. في دردشتنا المتواصلة مع رجال الشرطة، تم التأكيد أن المواطنين أصبحوا واعين جدا من خلال إبلاغهم عن أي تحركات مشبوهة من خلال الرقم 1548، ليس لكونه مجاني بالدرجة الأولى وإنما من خلال تأكدهم أن المعلومات التي يدلي بها المواطن تعد حلقة أساسية في نشر الأمن. السير رفقة رجال الأمن أوصلنا إلى دوار القارص، عند الدخول إلى الدوار ذكر رجال الشرطة بقضية أربعة شبان يتزعمهم المكنى حليم سيدي راشد مسبوق قضائيا، كانوا في النهار يبيتون في الحي وفي الليل يخرجون للسرقة والإعتداء على الناس، وحاليا عاد الهدوء وارتاح الحي من هذه العصابة الموجودة في السجن. كل شيء كان عاديا ونحن نواصل سيرنا باتجاه مختلف أحياء المدينة، قبل أن يلفت انتباه رجال الشرطة في المكان الذي يتوسط بين حي مدبر جيلالي والقارص، شاب بمجرد أن لمح رجال الشرطة، لاذ بالفرار، ولم تتمكن الشرطة من القبض عليه لأنه سرعان ما غاب عن الأنظار في أزقة الحي كونه ربما يكون دخل إلى إحدى المنازل. الوجهة الموالية كانت نحو شارع عبد السلام المعروف بحي”لاكناب”، في هذا الحي أيضا يوجد مشكل عدم استغلال المحلات التجارية، حيث قام رجال الشرطة بتفتيش عدد من المحلات التي كانت مليئة بالأوساخ. وبالقرب من هذا الحي يوجد حي 60 مسكنا، الحي خال تماما من السكان إلا من عائلتين فقط. ولأن أصحاب السكنات لم يلتحقوا بعد بسكناتهم فقد أصبحت مداخل العمارات ملجأ للمنحرفين لعقد جلسات للخمر وتعاطي المخدرات، حيث يتم تخبئتها بالخزانات الخاصة بعدادات الكهرباء والغاز الموجودة داخل العمارتين، الأمر الذي دفع رجال الشرطة إلى تفتيش جميع خزانات العمارة بعد أن قامت مواطنة بالإبلاغ عن الموضوع. كما قام رجال الأمن عند الخروج من العمارة بتفتيش أكياس كانت موجودة أمام مدخل العمارة. واصلنا السير نحو حي معسكري، الساعة تشير إلى السادسة والنصف، فجأة انطلق رجال الشرطة جريا بالأقدام عندما لمحوا شابا كان يقول ”اهربوا، اهربوا”، قبل أن تلحقهم سيارات الشرطة، ففر الجميع، لكن سرعة رجال الأمن مكنتهم من إلقاء القبض على الشاب الذي جلب الشبهة لنفسه بتصرفه هذا، في حي معسكري، سبق لرجال الأمن إلقاء القبض على شخص كان يستغل منزله لترويج المخدرات، حاليا يقضي عقوبة 7سنوات سجنا. مع إسدال الليل ستاره ونحن في طريقنا لتفتيش المقبرة المسيحية، كانت أبوابها مغلقة، قام عدد من رجال الأمن في الظلام الدامس ورهبة المكان إلى القفز من الجدران والدخول إلى داخل المقبرة، هذه الأخيرة كان لها حصتها من التفتيش والمراقبة ولم يمنع ظلمة المكان والمجهول رجال الشرطة من الدخول إليها، فكل مكان في حجوط مراقب وكل المنافذ مغلقة في وجه الأشرار بكل اختصاصاتهم وفي كل المجالات. المواطنين أصبحوا واعين جدا بإبلاغهم عن أي تحركات مشبوهة عبر الرقم 1548، ليس لكونه مجاني بالدرجة الأولى وإنما لتأكدهم أن المعلومات التي يدلون بها تعد حلقة أساسية في نشر الأمن