بناء مستشفى في ستة أشهر أفضل من ترميم الهياكل القديمة كشف رئيس عمادة الأطباء، الدكتور محمد بقاط بركاني، أن القطاع الصحي في الجزائر بحاجة إلى خريطة طريق عاجلة لتحديد سلم الأولويات على ضوء ما يفرضه الواقع الصحي الوطني. البروفسور بقاط، في حصة نقاش الأسبوع على القناة الأولى، عاد إلى الحديث حول واقع القطاع الصحي في الجزائر بكل ما فيه من أخطاء وإنجازات أيضا. قال البروفسور محمد بقاط، إن المشاكل التي يعرفها القطاع الصحي في الجزائر لا تعود إلى نقص الإمكانيات بقدر ما تعود إلى سوء التسيير والتكفل بمشاكل المواطن، داعيا إلى وجوب إعادة النظر في خارطة الطريق المنظمة للقطاع، لأن الصحة ليست مسؤولية وزارة الصحة لوحدها، بقدر ما هي مسؤولية دولة. بقاط عاد للحديث عن الاستراتيجة الوطنية لمكافحة السرطان، وقال إن الجزائر يجب أن تكون مستعدة للمزيد من حالات الإصابة بهذا الداء أمام تعقديات الحياة، منتقدا سياسة استيراد العتاد والأدوية دون خطة واضحة للصيانة والمراقبة، فالجزائر التي تنفق سنويا ما لا يقل عن مليون دولار لاستيراد الأدوية، يقول رئيس عمادة الأطباء، إنها بحاجة إلى إنشاء مركز أو وكالة وطنية يكون لها التفويض التجاري والقانوني لشراء الأدوية ومراقبة سوق الدواء، بما يناسب ويفيد الجزائر والجزائريين، دون أن تكون البلاد رهينة في أيدي المخابر الأجنبية التي تمارس عادة الضغوطات على الجزائر لتسويق إنتاجها. من جهة أخرى، دعا بقاط إلى إعادة النظر في إجراء الخدمة المدنية، لأنها - حسبه - لم تقدم أي خدمة ولم تأت بثمار. كما دعا في سياق مماثل إلى إعادة النظر في سياسية التكوين وتوزيع الأطباء بطريقة تضمن التغطية الصحية العادلة بين مختلف جهات الوطن بالعاصمة مثلا وبعض المدن الكبرى تتوفر على طبيب لكل 800 نسمة، وهذا يتجاوز السقف الذي حددته منظمة الصحة العالمية، في حين تعاني مناطق الجنوب وبعض المدن الداخلية من انعدام الإمكانيات للعلاج. ورفض بقاط أن يعلق المشاكل الذي يعاني منها القطاع الصحي في الجزائر على مشجب التكوين أو الكفاءات البشرية للقطاع الصحي الجزائري، بدليل، يقول، أن ثمة 6 آلاف طبيب هاجروا مؤخرا إلى فرنسا وحدها هم من خيرة الأطباء والكفاءات التي تتوفر عليها البلاد في مختلف الاختصاصات، وبعضهم يشغل هناك مناصب تفوق تلك الممنوحة للفرنسيين، ما يعني أن الجزائر تكوّن للغير وتخسر ملايين الدولارات على كفاءات لا تستفيذ منها. وعليه يقول بقاط.. يجب علينا اليوم مراجعة السياسية المنتهجة في تكوين الإطارات الصحية وتكييفها مع سوق العمل وحاجيات البلاد. في ملف الهياكل الصحية، قال رئيس عمادة الأطباء الذي نزل ضيفا على القناة الأولى، إن الجزائر مدعوة إلى رسم استراتيجية جديدة في بناء المستشفيات، لأن التطور التكنولوجي يتيح حاليا بناء مستشفى في ستة أشهر، وهذا أفضل وأكثر جدية من ترميم الهياكل القديمة التي لم تعد تستجيب للطلب المتزايد. وختم بقاط تدخله في الحصة بوجوب فتح نقاش وطني معمق حول الخطة الوطنية للصحة، يجمع كل فرقاء القطاع من أطباء ومختصين ونقابيين وجمعيات المرضى، وهذا من أجل تحديد أولويات القطاع الصحي على المدى البعيد والمتوسط والقريب.