يعاني الكثير من الجزائريين من آلام القولون الحادة التي تنغص عليهم حياتهم، والتي تستثار لأبسط الأمور المزاجية، وفي بعض الحالات نتيجة سوء التغذية وكذا عدم الاعتدال في تناول المواد الغذائية اللازمة لصحة الجسم. يعد القولون من أكثر أمراض الجهاز الهضمي شيوعا وأكثرها إزعاجا، فهو عبارة عن آلام ومعاناة تصيب الإنسان، وتجعله كثير التردد على عيادات الأطباء والمراكز الصحية والمستشفيات والتنقل بينهم بحثا عن الشفاء. ويشير المختصون أنه أخذ في الانتشار في الجزائر بصورة مقلقة، حيث يتميز نمط عاداتنا الغذائية وطبيعة حياتنا بالعديد من التوترات العصبية والإجهاد الذهني والقلق والعمل المتواصل المرهق. أزمات القولون تستيقظ ليلا وفي سياق متصل، تقول شهيرة، 25 سنة، “أصبت بالقولون السنة الماضية، بعد أن تعرضت لتسمم بعد أن تناولت الطعام بأحد محلات بيع الوجبات السريعة، حيث أحسست في البداية بألم يتوجه من اليمين إلى اليسار على شكل موجات، ثم استيقظت على الرابعة صباحا وأحسست ببرد شديد وآلام حادة لا تطاق وأغمي علي، ثم صرت كثيرة القلق وسهلة الانفعال ولا أقدر على الأكل، إذ كنت أشعر دائما أن معدتي منتفخة، ولما ذهبت إلى الطبيب نصحني باتباع حمية خاصة، حيث منعني من أكل العجائن والبقول والمكسرات والمشروبات الغازية، كما نصحني بالإكثار من الفواكه والخضر الطازجة”. ويقول فريد عن آلام البطن التي يحس بها عند إصابته بالقولون، أنها شبيهة بطعنات السكين، ويضيف قائلا: “تزيد شدة الآلام التي يسببها انتفاخ القولون ليلا، حيث يضطرني الأمر للذهاب إلى المستشفى مستعجلا، حيث أن الألم الذي أشعر به من غير الممكن أن أتحمله، حيث يخيل إلي أن بطني ستنفجر من شدة الضغط الذي تسببه الغازات بالداخل”. القولون على علاقة وطيدة بالأعصاب يجمع الأطباء والمختصون في هذا المجال أن القلق وتعكر المزاج أكثر تأثيرا في القولون من تناول الطعام بصفة عشوائية، وفي ذات السياق يقول الدكتور سحنون جمعي أن مرض القولون قد عرف في الآونة الأخيرة انتشارا لا سابق له بين الجزائريين، فنسبة الجزائريين الذين يعانون من أمراض القولون بلغت ال 40 بالمائة بشكل تقريبي، ويرجع محدثنا الأمر لعدة أسباب أغلبها عصبية. وبخصوص أنواع أمراض القولون، يقول الدكتور أن هناك نوعين من أمراض الأمعاء المنتشرة بكثرة، أولهما التهاب الأمعاء، والذي ينتج عن سوء التغذية والذي يسبب الإسهال أو الإمساك، أما الثاني فيتمثل في الأمراض المزمنة للأمعاء كالتهاب القولون التقرحي الذي يتسبب في النزيف، بالإضافة إلى أمراض أخرى. ويشير الدكتور سحنون في سياق متصل، أن العديد من الاضطرابات التي يعيشها الفرد في حياته اليومية، كاضطراب النظام الغذائي وكثرة الغضب، تتسبب في الإصابة بأمراض القولون، ويضيف أن الجزائريين يتميزون بكثرة العبوس وسرعة الغضب لأبسط الأسباب، وباضطراب النظام الغذائي بالنسبة لأغلبيتهم، فالعجائن والمرق والتوابل الحارة ميزة جل أكلاتهم الشعبية ووجباتهم السريعة، ما يزيد من خطورة تعرضهم للإصابة بهذا المرض. ويضيف في سياق متصل أن من أهم المسببات لمرض القولون، عوامل نفسية ذات أثر على الجسم أو الحالة الصحية، كنمط الحياة والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والصدمات النفسية، كمشكل عائلي أو عاطفي، أو انهيار عصبي وجسدي تحت ضغط العمل، فيشعر المريض، كلما كان قلقا، بالرغبة في الذهاب إلى الحمام بسبب الغازات، وهو ما يسمى بالقولون العصبي. أسباب أخرى وراء استثارة القولون ينوه الدكتور سحنون جمعي المختص في أمراض الجهاز الهضمي قائلا: “بإمكان القولون أن ينتج عن اضطراب النمط الغذائي أو تسمم بسبب فيروسات وبكتيريا وطفيليات، ولهذا يجب الحذر والحرص على تناول وجبات غذائية متزنة وصحية، واجتناب الأكل السريع غير الصحي”، كما قد يصاب الفرد بالقولون، حسب محدثنا، نتيجة لبعض الأمراض المزمنة كداء السكري، أو الأمراض القلبية والضغط الدموي والأمراض التنفسية والحساسيات، كما تؤثر الحالة النفسية للفرد على الوضع الطبيعي والصحي للقولون، ويمكن لمرض القولون أن يكون حادا أو أن يكون مزمنا كالتهاب أمعاء وراثي. وفيما يخص سرطان القولون، فيقول الدكتور سحنون أنه ناتج عن أسباب وراثية، فإذا اكتشفنا أن أحد الوالدين مصاب بسرطان القولون، فيجب إخضاع أبنائهم لتنظير القولون مرة في السنة قبل فوات الأوان، فإذا انتقل إليهم المرض فتجرى لهم عملية ويتم إنقاذهم، وإن لم يوجد أثر للمرض فتستمر مراقبتهم في السنة الأولى والثانية والثالثة ثم الخامسة، فإذا تم التأكد من سلامتهم، فإنهم يفحصون كل خمس سنوات. نصائح وإرشادات للتخفيف من حدة الألم يقدم الدكتور سحنون جملة من النصائح والإرشادات التي من شأنها تجنيب الفرد الإصابة بداء القولون، قائلا: “أنصح المرضى بعدم تناول الأطعمة السريعة واللحوم غير الطازجة، والمشروبات الغازية، كما ينصحون بتجنب أكل المرطبات والمكسرات والعجائن المقليات، والتركيز بالمقابل على تناول البروتينات، الليبيدات، الغلوسيدات والفواكه والخضر، مع شرب لتر ونصف لتر من السوائل يوميا، فالحمية الغذائية أحسن وقاية”. وأشار أنه يجب التركيز على ممارسة الرياضة كالمشي لمدة ساعة يوميا، وعلى الأقل مرتين في الأسبوع بقاعة رياضة، والأهم هو الفحص المبكر بمجرد الإحساس بالآلام الأولى.