إخضاع الهبات الأجنبية للموافقة المسبقة من وزارة العدل وتوسيع حالات التنافي توجت أهم التعديلات المتعلقة بمشروع قانون المحاماة، بتوسيع حالات التنافي في ممارسة المهنة إلى التدريس بالجامعات ومؤسسات البحث العلمي، كما فتح القانون ولأول مرة المجال للمحامين الشباب للمرافعة أمام المحكمة العليا، بعد إسقاط شرط الأقدمية المعمول به سابقا. يعرض، اليوم، المجلس الشعبي الوطني في جلسة علنية، مشروع القانون المتضمن تنظيم مهنة المحاماة، وهو المشروع الذي أدخلت عليه 6 تعديلات من حيث المضمون، حسب ما سربته مصادر برلمانية ل”الفجر”، ومن أهمها حسب نفس المصادر، حذف الفقرة الثانية من المادة 49، وفتح المجال أمام المحامين الشباب للمرافعة أمام كل الجهات القضائية، كما طرأت على المادة 50 من نفس القانون والمتعلقة بشروط الاعتماد أمام المحكمة العليا، خاصة فيما يتعلق بالأقدمية التي كانت محددة ب10 سنوات، وفي هذا السياق أدرج مشروع القانون الذي شرع المجلس الوطني الشعبي في دراسته ابتداء من 24 مارس الماضي، على مدار 23 اجتماعا، تخفيض مدة الأقدمية للالتحاق بمهنة المحاماة، كما حذفت نفس التعديلات حسب نفس المصادر، شرط السن الواجب توفره للالتحاق بمهنة المحاماة. ولتنظيم مهنة الدفاع، تم توسيع حالات التنافي مع ممارسة مهنة المحاماة، لتشمل وظائف أخرى، كالتدريس في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العملي، وبالتالي يمنع لاحقا الجمع بين مهنة المحاماة والتدريس في الجامعات، لاسيما وأن العديد من الزبائن يشتكون من غياب المحامين عن جلسات المحاكمة. كما نص القانون التمهيدي لتنظيم مهنة المحاماة الذي جاء في 143 مادة موزعة على سبعة أبواب، على عرض الخلافات الطارئة في الجلسة بين المحامي والقاضي، على رئيس الجهة القضائية ومندوب المحامين لتسويتها بشكل ودي، وفي حالة عدم تسوية الإشكال، يرفع الأمر إلى رئيس المجلس القضائي ونقيب المحامين، وفي نفس السياق تم توسيع تطبيق قانون العقوبات المتعلقة باهانة القاضي إلى حالة الاعتداء على المحامي أثناء ممارسة مهامه. وأضاف المصدر أن مشروع القانون المتعلق بمهنة المحامين الذي كان موضوع جلسات حوار بين نقابات المحامين والوصاية ممثلة في وزارة العدل، خص المادة 96 بتعديل، وهي المادة التي تخص تسيير ممتلكات منظمة المحامين والتصرف فيها، بإخضاع الهبات والوصايا الأجنبية للموافقة المسبقة من وزارة العدل، مع وجوب جردها وإيداعها الحساب المالي للمنظمة، كما تمت أيضا تعديلات من حيث الشكل، باعتماد مصطلحات مكرسة في التشريع وحذف بعض الفقرات تفاديا للتكرار. المعارضة توحد الصفوف لإدخال تعديلات على مشروع قانون المحاماة وحدت أحزاب المعارضة داخل المجلس الشعبي الوطني جهودها من أجل إدخال تعديلات جوهرية على مشروع قانون المحاماة، الذي فرضت عليه لجنة الشؤون القانونية التابعة للأفالان طوقا من أجل بقائه في نفس السياق، الذي تريده وزارة العدل صاحبة المشروع ”المثير للجدل”، لاسيما في المادتين 21 و24. وحسب عضو لجنة الشؤون القانونية البرلمانية، ناصر قاوس، في تصريح ل”الفجر”، فإن اللجنة أبقت على المشروع مع إدارجها تعديلات ”شكلية وطفيفة جدا”. وقال قاوس إن أحزاب المعارضة لها ورقة أخيرة تلعبها اليوم في جلسة المناقشة العلنية، مشيرا إلى أن المعارضة بجميع توجهاتها متفقة حول إعادة النظر في المادة 24، التي تجعل المحامي طوع إرادة القاضي في رفع الجلسة، وهي ”تسلط ترهيبا على المحامي في خانة ما يعرف برفع الجلسة في حالة إخلال جسيم”. وتعتقد أحزاب المعارضة في تقدير ناصر قاوس، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، أن القانون أبقى على حالة الغموض فيما يتصل ب”إخلال جسيم”، حتى يمكن توظيف رفع الجلسة حسب الحالة التي يقدرها القاضي. ويعتقد مصدرنا أن هذا يضعف كثيرا من حق الدفاع ويجعل الموكل ضحية، ليتساءل ”كيف يمكن لمحام خائف أن يدافع عن موكله؟! الأمر غير مقبول تماما”. المادة 21، هي أيضا ضمن المواد التي تسعى أحزاب المعارضة لإدخال تعديلات عليها، لأنها تحمل خطورة كبيرة، كونها تسمح بتفتيش مكتب المحامي، ”لأنه يعتبر مساسا بحق الدفاع”. من ناحية أخرى، يبحث حزب العدالة والتنمية عن تقديم اقتراح يتصل بتوحيد سلم الأتعاب لجميع المحامين وفق معيار تحدده النقابة الوطنية للمحامين، كما تتجه بعض الأحزاب الإسلامية للدفاع عن إمكانية إلحاق شعبة الشريعة بمسابقات المحاماة، مثلما كان معمولا به سنة 1991. ومن المقرر أن تكون جلسة النقاش المقررة اليوم ساخنة بين الأفالان والأرندي والمعارضة بجميع أطيافها، لأنها لمست في المشروع إخفاقا مسبقا لمبدإ الفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء.