في مجلس الشيوخ الأمريكي صراع كان خافتا ثم لم يلبث أن علت وتيرته، وإسرائيل هي اللاعب الأساسي في ذلك فوظيفتها التحريض والحض على ارتكاب الممنوع من أجل مصالحها، وهي تلتقي بذلك مع اللوبي الصهيوني في داخل أمريكا ومن والاه، وعلى هذا فهي مافتئت تدعو إلى ضرب إيران وإذا قال قائل : لماذا لاتقوم إسرائيل بهذه المهمة جاء الجواب بأنها لو كانت تستطيع لفعلت لأن من عادتها توجيه الضربة عند القدرة بصمت، ولكن مادامت تدرك عجزها فهي تعمل دائما من الخلف على مايسمى لدينا ”بتسخين” البندير عن بعد، فهي إذن تدعو الكبرى التي هي أمريكا لتوجيه الضربة للكبرى المقابلة التي هي إيران، وعندئذ تتفرغ هي لمن تصفهم بالأصغر. في مجلس الشيوخ إذن صراع حول هذا، فوزير الدفاع يعارض بشدة الأمر كما يعارض توجيه الضربة للنظام السوري كما ترغب أيضا إسرائيل، وهذا يعني أن عملية ما يمكن وصفها بالردع في كل من إيران وسوريا واردة، وقد جرى التداول فيها، وقد اتضح أن القول بعجز أمريكا عن ذلك لم يكن وهما أو تصورا ولكنه واقع بات ملموسا فأمريكا أرهقت في إفغانستان والعراق وما زالت تعاني من الهزائم، وهي بالتالي لا يمكنها المغامرة بالتورط من جديد في مستنقع قد يكون أعمق وأكثر توحلا، فهي على الأقل بحاجة لفترة راحة لإلتقاط أنفاسها وهذا ما يقول به وزير الدفاع الأمريكي على النقيض مما يقول به كيري وزير الخارجية، فوزير الدفاع يقول بأن الضربة المباشرة لسوريا مكلفة للغاية، وإذا ما تورطت أمريكا في الأمر فإنه لمن الصعب جدا عليها معاودة النهوض والأمر لا يتعلق بالمال ما دامت دول الخليج على استعداد لعقد صفقات سلاح وهمية جديدة مع أمريكا، ولكن الأمر يتعلق بالعجز الكامل لأمريكا وربما تكون روسيا تعمل في هذا الصدد لذلك السبب على توريط أمريكا في حرب تكون فيها خاسرة في جميع المقاييس، وهذا هو ما يخشاه وزير الدفاع الأمريكي الخبير ببواطن الأمور، والأمر بالتأكيد لا يتعلق بما سيلحق سوريا من الدمار فهذا آخر ما تفكر به أمريكا، ولكن المغامرين ومنهم الصهاينة لهم رأي آخر بعدما أوشكوا على خسارة الحرب بالوكالة التي خاضها عنهم حلفاؤها الجدد في سوريا، وهكذا يفكر الأمريكيون وهكذا يفكر الصهاينة، أما نحن فلا نحسن إلا البكاء على الأطلال ثم الخنوع والخضوع الكلي لإملاءات العدو، فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟