مرّ صاحب رائعة ”وني مارك مريت” فارس الغناء العربي عاصي الحلاني كعادته على ركح المسرح الجديد المتاخم للمدينة الأثرية تاموقادي، ولم يخيّب آمال عشاقه ومحبيه، حيث تمكن ببراعته في الأداء من أن يشد الحضور ويترك أثرا لا يمحى من الذاكرة وسط أصوات الدبكة اللبنانية والمواويل الشعبية الشامية التي رافقته، إلى حين ساعة الصفر. كانت العودة مرة أخرى لفارس الغناء العربي عاصي الحلاني لمهرجان تيمڤاد الدولي في طبعته 35 بوجهه المعهود وحماسه المشهود ووقفته على الركح التي تعبّر عن وقفة فنان يحترم جمهوره، كما ولى الزمن الجميل ولحظات العشق التي أدخل عبرها غناء ساحرا وتراثا منوعا وفولكلورا ذا طقوس لا يملكها سوى أهل الشام، ناهيك عن موسيقى جذابة سافرت ب”الشاوية” إلى بيوت المشرق العربي ووصفت البادية وحالها وحال الحب فيها، كما استعادت ذكريات الأجداد بخصوص أغانيهم ومواويلهم الشعبية البسيطة والمميزة في آن واحد. عاصي الحلاني الملقب بفارس الأغنية العربية جدد العهد وأوفى بالعهد وكان ملك السهرة السادسة، كيف لا وفي اللحظة التي صعد فيها المنصة اهتز أثناءها الجمهور له احتراما وتقديرا وعزا بفارسهم الذي لم يخيبهم يوما في كل مرّة يطل عليهم بباقة من روائعه، ووجوده في المدينة الرومانية يعكس مدى الحب المتبادل بينه وبين عشاقه، فصارت القرابة أكثر والصداقة أوسر، وكعادته أحيا ما اشتاقت إليه الجوارح من غناء واستعراضات تراثية لخصها في أفضل الأغاني التي قدمها والتي لاقت رواجا منقطع النظير في كامل الدول العربية، وهذا بعدما غناها ممزوجة مع الرقص على وقع الدبكة البعلبكية اللبنانية، ومنها ”يا ناكر المعروف”، ”مالي صبر يا ناس”، كما غنّى عاصي الحلاني ودبك وراقص المشاعر والجوارح في الوقت نفسه، طوال ساعتين من الزمن كانت كافية لأن تدخل السعادة في قلوب عشّاقه من عاصمة الأوراس والجزائريين بصفة عامة، على جمهور لم يكن يريده أن يتوقّف حتى ولو طال السهر. عاصي الحلاني الفارس الآتي إلى جمهوره الجزائري بكل شوق وحبّ، قال لمن سأله، أتمنى أن أكون كل عام في الجزائر، لقد غنيت بكل إحساس، لكن الجمهور أطربني. وبعد المتعة والفرجة التي صنعها عاصي لم يفوت الفرصة أن يغني للجزائر وكل البلدان العرب، وأن يتمنى للشعوب العربية وكل بلادها الخير والسلام والطمأنينة، داعيا بالمناسبة بالشفاء العاجل للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.