تعددت الروايات حول واقعة المجزرة التي حدثت فجر أمس أمام مقر دار الحرس الجمهوري بالقاهرة وفتحت المجال لتبادل الاتهامات بين مؤيدي مرسي والجيش والشرطة لتبقى تفاصيل ما جرى فعلا مع بزوغ الفجر غامضة لحد الساعة، في ظل حقيقة دامغة لا ينكر الجميع وجودها وهي سقوط ضحايا من الشعب المصري الأعزل الذي يدفع ثمن أزمة سياسية جرّها الانقلاب الذي عزل مرسي وأحاله على تقاعد مبكر قبل استكمال فترة حكمه، حيث ذكرت التقارير المتداولة إلى غاية كتابة هذه الأسطر مقتل حوالي خمسين شخصا وإصابة أزيد من مئتين. تحدثت الأنباء الرسمية المصرية عن وقوع 42 قتيلا وأزيد من 300 جريح خلال المجزرة التي وقعت أمام دار الحرس الجمهوري في القاهرة فجر أمس فيما تضاربت الأنباء بخصوص الحصيلة الرسمية وذهب جماعة الإخوان المسلمين عبر موقعها الالكتروني إلى تأكيد وقوع أزيد من 50 قتيلا بينهم 5 أطفال لقوا مصرعهم خلال الأحداث، وكان المستشفى الميداني برابعة العدوية مكان اعتصام أنصار الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي قد أعلن في وقت سابق عن سقوط 40 ضحية وجرح أكثر من 500 من المتظاهرين. روايات عدة لمجزرة واحدة تفتح أحداث أمس المجال للكثير من الأسئلة وتطرح العديد من علامات الاستفهام حول المسؤول الرئيسي عن حقيقة ما جرى فجر أمس، حيث تداولت مصادر الجيش الرواية المرتبطة بمحاولة مجموعة إرهابية مسلحة اقتحام مقر الحرس الجمهوري ما اضطر أفراد الجيش إلى التصدي لهم ونشبت مواجهات بين الجانبين أودت إلى الحصيلة المذكورة أعلاه كما أعلن الجيش عن مقتل ضابط في الجيش وإصابة أربعين آخرين، فيما نفت الجماعة هذا الطرح واتهمت أفراد الجيش والشرطة بهجوم مباغت على جموع المعتصمين المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي وهم بصدد تأدية صلاة الفجر ما أوقع ضحايا أبرياء من الإخوان فاق عددهم الخمسين. اعتقالات بالجملة ومقر ”الحرية والعدالة” بالقاهرة يُشمّع والنور ينسحب حركت حادثة فجر أمس القوات الأمنية التي بادرت إلى شنّ حملة اعتقالات واسعة في صفوف الإخوان وجاء في بيان صادر عن القوات المسلحة المصرية أن فرقها تمكنت من القبض على 200 شخص بحوزتهم كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخائر وكذا الأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف، وذكرت مصادر عسكرية أن مسلحين قتلوا خمسة أفراد من مؤيدي مرسي أمام دار الحرس الجمهوري، كما قامت قوات الأمن بتفتيش مقرات الإخوان على غرار مقر حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان الذي أقدمت القوات على إغلاقه، حيث أمرت نيابة عابدين بتشميع المقر الرئيسي للحزب وسط القاهرة، بعد العثور بداخله على أسلحة نارية وبيضاء وخوذ وماء نار أثناء معاينته عقب اقتحامه من قبل المتظاهرين، وكان حزب ”الحرية والعدالة” اتهم قوات الجيش والشرطة بمحاصرة المعتصمين المؤيدين لمرسي أمام دار ضباط الحرس الجمهوري بالقاهرة أثناء أدائهم صلاة الفجر، وأطلقت عليهم الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، وذهب حزب النور السلفي إلى الإعلان عن انسحابه من المسار السياسي احتجاجا على مجزرة القاهرة رافضا المشاركة في أي مسارات تفاوضية مستقبلية داخل الحكومة أو خارجها. غضب، تهديد ووعيد ... وسط إدانة واسعة فجرت الحادثة ردود أفعال داخلية وخارجية سريعة تفاعلت مع المجزرة التي أوقعت مصريين أبرياء في مواجهات بين مؤيدي مرسي وأفراد الجيش والشرطة، حيث أدان رئيس حزب ”الدستور” محمد البرادعي مواجهات دار الحرس الجمهوري وطالب بفتح تحقيق فوري مستقل وشفاف لكشف ملابسات المجزرة التي ذهب ضحيتها مصريون أبرياء، مشيرا إلى ضرورة حل الأزمة التي تتخبط فيها البلاد بعيدا عن العنف أينما كان مصدره، وقال في تغريدة له على موقع تويتر وقال ”إنّ مصر اليوم في أمسّ الحاجة إلى أن تتصالح مع نفسها”، من جهته استنكر الأزهر أحداث الحرس الجمهوري وطالب بالكشف الفوري عن الحقيقة وتشكيل لجنة وطنية للمصالحة وإطلاق المعتقلين، ودعا شيخ الأزهر أحمد الطيب سلطات الدولة بالكشف الفوري عن حقيقة ما جرى فجر أمس أمام مقر الحرس الجمهوري بالقاهرة وتقديم تفاصيل الحقيقة كاملة للشعب المصري، محذرا من استمرار المواجهات بين المعارضة ومؤيدي الرئيس المخلوع ما قد يجر البلاد إلى فتنة مظلمة يطول أمدها، وذهب عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية إلى حد مطالبة الرئيس المؤقت عدلي منصور بالاستقالة الفورية احتجاجا على المجزرة وحفاظا على كرامة الدولة التي فشل في صيانتها وتوفير الأمن لأمتها حسب أبو الفتوح، فيما هدد الإخوان بعدم السكوت عما حدث في حق المتظاهرين المؤيدين للرئيس السابق محمد مرسي وتوعدوا بمواصلة الاعتصام ردا على ما أسموه بتجاوزات القوات الأمنية غير أن الرئاسة المصرية أكدت أن أحداث القاهرة لن توقف تشكيل الحكومة وطالبت بتشكيل لجنة للتحقيق في مجزرة الحرس الجمهوري، وأكدت الرئاسة في بيان لها على ضرورة ضبط النفس وإعلاء المصلحة الوطنية واعتبارات الأمن القومي للبلاد على كل الضغائن الشخصية، مؤكدة حرمة الدم المصري على جميع أطياف المجتمع، كما شددت على حق التظاهر السلمي المكفول للجميع تحت حماية ورعاية الدولة بأجهزتها المختلفة، داعية المتظاهرين إلى عدم الاقتراب من المراكز الحيوية والمنشآت العسكرية في البلاد، وأمر الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور بتشكيل لجنة قضائية للوقوف على ملابسات الأحداث وكشف الحقائق للرأي العام، مناشدة كل المصريين على حتمية التعاون لإنجاح المرحلة الانتقالية. القوات المسلحة والداخلية تتبرأ من المجزرة برأ المتحدث باسم الداخلية المصرية خلال مؤتمر صحفي مشترك للقوات المسلحة والداخلية رجال الشرطة من كل التهم الموجهة إليهم في أحداث الحرس الجمهوري بالقاهرة، وتحدث عن تجاوزات الإخوان في عديد مناطق البلاد والاعتداءات المتكررة على مراكز الشرطة والحواجز الأمنية التي تسهر على حماية أمن المواطنين، وقال أن مهمة الشركة هو الدفاع عن جميع المصريين بغض النظر عن انتماءاتهم وتجنب إتاحة الفرصة للفتن الداخلية التي تدمر البلاد، من جهته قال أحمد محمد علي المتحدث باسم القوات المسلحة أن الجهاز أصدر أكثر من تحذير بعدم الاقتراب أو المساس بالوحدات العسكرية على اعتبار ذلك قانونا ساريا في كل دول العالم، وأضاف أن القوات المسلحة تعاملت مع المتظاهرين والغاضبين بكل حكمة وتعقل ولم تسجل أي تجاوز في حقهم، لكن الهجوم الذي تعرض له مقر نادي الحرس الجمهوري في حدود الساعة الرابعة فجرا من قبل جماعة مسلحة أوجب عليها مهمة الدفاع عن المنشأة، مشيرا إلى أن المهاجمين استعملوا ذخيرة حية، وأن القوات المسلحة لم تتحرك للتعامل مع المتظاهرين بل جاء رد فعلها لحماية منشآت الدولة بعد تحرش الإخوان بأمن المبنى، وكشف عن وجود أفراد تسلقوا المباني المجاورة وقاموا بإطلاق النار على أفراد الجيش القائمين على تأمين المقر وهذا ما أظهرته أشرطة الفيديو التي عرضت خلال المؤتمر الصحفي أشخاصا يعتلون الأبنية المحاذية لنادي الحرس الجمهوري، وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة مقتل ضابط في الجيش، وجرح 42 آخرين منهم 8 على الأقل في حالة حرجة.