تعكف العائلات المداينية على التفنن في إعداد أشهى الأطباق الرمضانية ومن بينها شوربة المرمز التي لا تفارق مائدة الإفطار طوال الشهر الفضيل فربات البيوت تجتهد كثيرا من أجل إعداد مائدة رمضان التي تميزها شربة المرمز ولمن لا يعرفها فإن عملية تحضير ‘'المرمز'' تكون بعد نهاية الموسم الفلاحي، حيث يتم تخزين كميات من الشعير الأخضر الذي لم ينضج بعد وغسله وتجفيفه يتم وضعه على مراحل ودفعات في ‘'الكسكاس'' فوق نار هادئة وهي العملية التي يطلق عليها اسم التفوار ثم تلجأ ربات البيوت إلى وضع الشعير على بساط في الهواء الطلق وعرضه تحت أشعة الشمس ثم تقوم المرأة المداينية بعملية ”التغياز” عن طريق وضع حبات الشعير في المهراز للتخلص من بقايا ”السفا ”كآخر مرحلة قبل طحنه باستعمال ‘'الرحى'' أو''الطاحونة‘' التقليدية المصنوعة من الحجر. بعد عملية التنقيته والتصفيته، والتي تشارك فيها العديد من النسوة عادة، تتم غربلته ليكون بعدها جاهزا ليأخذ تسمية ”المرمز'' وهو على أنواع. فهناك ”تشيشة المرمز الرقيقة” التي عادة ما تأكل ناشفة عن طريق طبخها في الماء مع قليل من السمن والسكر وثبت علميا أنها مفيدة صحيا للكثير من الأمراض. أما النوع الآخر فهو الذي يتم طبخه على شكل شربة والتي لا تستغني عنها النسوة في رمضان ويكون حجمها اكبر من حجم النوع الأول. وحسب العديد من العائلات فان مذاق شوربة ‘'المرمز'' له نكهة خاصة إذا ما تم طحنه في الرحى التقليدية حتى أن العائلات الفقيرة تلجأ إلى إعداد شوربة المرمز لأن المذاق الحلو لهذا الأخير يغنيهم عن التفكير في اللحم. بالنظر للأهمية التي صار يكتسيها ‘'المرمز'' في أوساط العائلات بالمدية فإنه ظل دوما محافظا على استقرار أسعاره والحقيقة أنه لا يمكن تقديره بثمن بالنظر الى العملية الشاقة التي يتم إعداده فيها حيث يتراوح سعره ما بين 350 و450 دج حسب النوعية والجودة. جدير بالذكر ان العائلات الريفية تعودت على توزيع كمية لا بأس بها من تشيشة المرمز على الأهل والأحباب قبيل حلول الشهر الفضيل وهي عادة لم تنقطع على مر السنين .