جماعة الإخوان انتحرت ولن تعود الجماعة كانت تصور للشعب أنها شهيدة مضطهدة وحين حكمت اضطهدته يرى القيادي الإخواني ومحامي التنظيم سابقا، الدكتور ثروت الخرباوي، أن جماعة الإخوان انتحرت وماتت فعليا ولا مجال لعودتها بأي شكل، لأن عهد المعجزات الذي يعيد الموتى للحياة انتهى، مضيفا أنها لا تسعى بالمظاهرات للعودة للحكم لكن تسعى إلى إسقاط الدولة اقتصاديا، وأوضح أن التنظيم لن يستطيع العودة بسبب الخصومة التي نشأت بينه وبين الشعب.. وأكد المتحدث الذي حاورته ”الفجر” على هامش حفل توقيعه لكتابه الجديد ”أئمة الشر” بالقاهرة، أن عباسي مدني خان الجزائر لأنه كان يتلقى أوامره من مرشد التنظيم، هذا الأخير كان يحرك الأحداث الإرهابية التي عاشتها الجزائر.. الخرباوي وعدنا بلقاء آخر قد يكون فيه وثائق عن مراسلات سرية بين إخوان الجزائر والتنظيم الدولي أيام العشرية السوداء.. كتبت العديد من الكتب تفضح خفايا تنظيم الإخوان وأسراره الخطيرة، هل سيكون ”أئمة الشر” آخر كتاب في هذا المجال، أم لديك المزيد من الوثائق والمراسلات التي ستكتب عنها؟ أنا لدي خفايا كثيرة جدا عن الإخوان ولم أكتب كل شيء لأنني أكتب ما يحتاج إليه الواقع السياسي المصري والعربي، وكان الاحتياج في البداية ضرورة فهم ما يحدث وكان يجب أن يكون فهم لحقيقة الإخوان، لذلك كتبت ما يحتاج إليه المواطن، وفيه أمور أخرى في الحقيقة لو كتبت عنها قد أكون اكتفيت من الناحية الشرعية والإنسانية.. هناك احتمال أن أكتب المزيد، لكن حاليا أنا بصدد كتابة رواية لم أستقر على اسم لها بعد، لكن سيكون لها مجال فكري، فأنا لن أكتب رواية لمجرد القصة أو الحدوتة، لكن يجب أن تحمل فكرا تقدمه للناس، ليست متعقلة بالأحداث أو الإخوان، لكنها ببحث الإنسان عن الحقيقة وعلاقة الإنسان بالله، وبالنفس البشرية ونوازعها بين الخير والشر.. كتبت الكثير عن التنظيم جعلت من يقرأ عنهم في كتبك يتبين له وكأن جماعة الإخوان وخاصة القيادات ”شياطين”، هل لهذه الدرجة هم يستحقون ما كتب عنهم، أليس هذا تجنيا بعض الشيء؟ جماعة الإخوان لم يظلمها أحد ولكنها ظلمت نفسها، ظلت في عيون الناس شهيدة ومضطهدة وتريد تطبيق شرع الله وتُمنع من الحكم من أعداء الإسلام، ثم لما وصلت للحكم اكتشف الشعب أنها غير ذلك، والجماعة أظهرت أسوأ صورة لها وهي من جنت على نفسها، جماعة الإخوان انتحرت ولا يستطيع أحد أن يلوم الذي يقف لينظر إلى المنتحر عندما ينتحر، ولكن المنتحر هو من أودى بحياته. بالنظر لما تلاقيه الجماعة حاليا في مصر، وبعد كل ما حصل لها مؤخرا، هل التنظيم قادر على العودة ولو على سبيل دعوي، أم التنظيم انتهى بكل ما للكلمة من معنى؟ جماعة الإخوان ماتت والميت لا مستقبل له ولا يستطيع أن يعود، انتهى عهد المعجزات، سيدنا عيسى عليه السلام هو الذي من البشر كان يعيد الحياة للموتى ونحن هنا وليس معنا سيدنا عيسى.. جماعة الإخوان ماتت تاريخيا وفعليا ستنقسم ثلاثة أقسام، سيخرج منها جماعة تكفيرية ستنظر للمجتمع بنظرة ناقمة غاضبة راكدة، وستكون أفكارها شبيهة بأفكار شكري مصطفى الذي أسس في مصر جماعة التكفير والهجرة في السبيعينات، وهؤلاء سيتجهون إلى العنف وإلى خنق المجتمع، وأي جماعة تحمل السلاح وتتجه للعنف لا مستقبل لها.. وهناك أفراد آخرون أراهم وأعرفهم ويمثلون أعدادا كبيرة من الجماعة أصيبوا بالإحباط بسبب الخطاب الإخواني وسوء إدارة الإخوان ومشروعهم، وهؤلاء عكفوا في بيوتهم وسيتجه جزء منهم للحركات الصوفية.. أما الجزء الثالث فسيحاول أن يدخل في مجالات السياسية لكن من خلال أحزاب سياسية وليس من خلال تكوين جماعة، وسيغيرون الاسم حتى يقبلوا في العمل العام، لأن من سيعمل تحت لافتة الإخوان لن يكون له قبول في الشارع المصري. جماعة الإخوان تم حظرها في عهد الملك فاروق ورجعت بقوة بعده، وتم حظرها في عهد عبد الناصر وبقي العمل في الظل، وتم تضييق الخناق عليها في عهدي السادات وعبد الناصر، غير أنها صمدت، فما الذي تغير هذه المرة حتى تنتهي الجماعة ولا تستطيع العودة؟ المتغير هذه المرة أن الجماعة لما اختلفت في عهد الملكية كان اختلافها مع النظام الحاكم، وعندما اختلفت في عهد عبد الناصر كان اختلافها مع النظام الحاكم وفي عهد السادات ومبارك كذلك، ولكن عندما وصلت للحكم أصبحت هي النظام الحاكم، وهذا النظام الحاكم اختلف مع الشعب، ومن يختلف مع شعبه لا وجود له، خاصة وأن النظام الإخواني هو من كان يدعي أمام الناس أن الملك فاروق وعبد الناصر ومبارك اضطهدوه والآن هو الحاكم وهو من اضطهد الشعب، فأصبح الشعب يكره جماعة الإخوان، وبالتالي هذا هو الفارق، من قبل جماعة تختلف مع النظام وهذه المرة نظام حكم الجماعة هو من اختلف مع الشعب. بحكم أنك كنت أحد قيادات الإخوان ومطلع على إمكانيات هذا التنظيم، هل ترى أن المظاهرات التي تشهدها مصر حاليا هي الورقة الإخوانية الأخيرة، أم ستكون هناك أوراق أخرى ستفاجئ بها الجماعة، النظام الحاكم والشعب المصري؟ الجماعة لا تسعى بالمظاهرات للعودة للحكم، لكن تسعى إلى إسقاط الدولة اقتصاديا، لأنهم حاولوا إسقاط الدولة عن طريق مؤسسة الشرطة والجيش، بعد 26 أوت الماضي حين فوض الشعب السيسي حين نظموا جمعة للقضاء على الشرطة ومهاجمة الجيش، لكن الدولة كانت صلبة وقوية بما فيه الكفاية، فلم يستطيعوا تنفيذ مخططهم، خاصة أن هذه المرة كان الشعب واقفا مع الشرطة والجيش، فاليوم الإخوان لم يستطيعوا تدمير الدولة عن طريق هذا السبيل فلم يبق أمامهم إلا مجال الاقتصاد.. السياحة تمثل ركيزة أساسية في اقتصاد مصر والمظاهرات والتفجيرات التي تشهدها سيناء تؤثر على المجال السياحي، والمظاهرات التي تشهدها مدن مصر بشكل يومي، الهدف منها تعطيل حركة المواصلات داخل المدن ويترتب عنها تعطيل التجارة الداخلية وتعطيل الكثير من المصانع والشركات، وهذا يؤثر على إنتاجية البلد ودائرية المال داخل مصر، وبالتالي الإخوان يسعون إلى إفشال الدولة. تكلمت كثيرا في هذه الندوة عن القيادي خيرت الشاطر، والشعب المصري كان يخرج في مظاهرات ضده، ما سر قوته حتى يكون بكل هذه القوة ويوصف بأنه كان الرئيس الفعلي وليس مرسي؟ لأنه تواجد في الجماعة وسط عدد كبير من الشيوخ الكبار محدودي الثقافة، وهو كان أكثرهم ثقافة وشخصيته قوية وتاجر لديه قدرة على إدارة المال، واستطاع اكتساب ثقة مصطفى مشهور، أحد مرشدي الإخوان في السابق، فأسند إليه إدارة ملفات كبيرة في الإخوان، وبهذه الطريقة استطاع أن يضع رجالا مساعدين له في الجماعة، فأصبح وكأنه قائد جيش لديه أفراد ينتمون إليه شخصيا داخل الجماعة وهذا مصدر قوته. تداولت بعض وسائل الإعلام المصرية مشروع كيان إخواني جديد دعوت لتأسيسه، أين وصلت فيه؟ كانت جمعية وكنت صاحب فكرتها وكان هدفي منها تفتيت كيان الإخوان.. وفكرت فيه لما رأيت حركة من الأفراد تغادر التنظيم، ففكرت في كيان ينافس التنظيم الإخواني ويستقطب كل العناصر التي غادرت وتغادر الإخوان، لكني لم أقم بتنفيذها وتداولت مع مجموعة من القيادات الكبيرة التي خرجت من الجماعة مثل الهلباوي ومختار نوح وغيرهم وهم من يقودون إجراء حركة استقطابية من الإخوان حاليا وضمهم لتنظيم الكيان الجديد.. كما أنه توجد مجموعة شباب انشقوا وكونوا مجموعة سموها الإخوان المنشقون، أحاول أن أربطهم مع الدكتور الهلباوي ومختار نوح. الهدف تفتيت الإخوان والفكرة سياسية بالدرجة الأولى وليست دعوية. هل ترى أن الشعب المصري الذي تقول أنه لفظ التنظيم، قادر على تقبل هذا الكيان الجديد، وأن لا يتعبره إعادة بعث التنظيم الدولي بشكل مختلف وبأشخاص آخرين؟ تفتيت التنظيم الإخواني كان هدفي، بمعنى أني أستقطب أعدادا كانت تريد الانضمام إلى الإخوان، لأن هناك كثيرين يريدون العمل في الحركة الإسلامية فلم يجدوا إلا جماعة الإخوان أمامهم، فأردنا أن يكون هناك كيان اآر يتجهون إليه.. أما عن قبوله لدى الشارع المصري، فيعتمد على المراجعات التي يقوم بها الهلباوي ومختار نوح وعدد من القيادات الكبيرة التي انشقت سابقا من حسن البنا إلى الآن، فهم يقومون بثورة تصحيحية داخل الإخوان، ومن بين الأفكار المطروحة للمراجعة، كانت العودة لفكرة الولاء للبلد والانتماء للوطن وكذا الجنوح ناحية الاعتدال وترك التطرف والابتعاد عن الأفكار التكفيرية، وكلما اعتمدت هذه المجموعة على تنقية نفسها من سوءات الإخوان عن طريق مراجعة الأفكار بمقدار تقبلها من طرف الشارع. هل تعتبر أن الإخوان خانوا الوطن؟ لم يكن الإخوان يوما وطنيين على الإطلاق، لأن الإخواني كان ولاؤه للتنظيم الدولي خارج مصر، تماما مثلما كان ولاء جبهة الإنقاذ الجزائرية لغير الوطن، وكان الشيخ عباسي مدني ولاؤه تاما للتنظيم الدولي.. ففي مصر يكون التنظيم تنظيما لسياسي لكن الولاء للتنظيم الدولي، وهذا وجه الخطورة، وبالتالي أراهم خانوا خيانة عظمى، وفي ظنهم لم يخونوا بل يعملون لمصلحة الإسلام، لأن لديهم خلطا في المفاهيم بين الإسلام وبين تنظيمهم، وهم يعتبرون أنفسهم وكأنهم الإسلام، لذلك حسن البنا في رسائله يقول نحن فكرة وعقيدة، وجعل من نفسه وجماعته عقيدة، وبالتالي اعتبر نفسه الإسلام وجعل وطنه هذا التنظيم والاأطان الأخرى مجرد وسائل تساعد الوطن الأكبر الذي هو التنظيم الدولي على السيطرة على العالم. وصفت عباسي مدني بالخائن، على أي أساس وهل تملك وثائق أو مراسلات تمت بينه وبين تنظيم الإخوان، سنقرأها في أحد كتبك اللاحقة؟ للأسف عملي داخل الإخوان لا يتيح لي فرصة الاتصال بالعمل الخارجي، وكان نشاطي متعلقا بالنقابات المهنية ونقابة المحامين وكنت أحد المسؤولين عن نشاط الإخوان داخل نقابة المحامين، فبالنسبة للجزائر لم تربطني صلة بأحد هناك إلا من خلال القراءات، أما عن عباسي مدني فأعرف تبعيته لتنظيم الإخوان وأعرف تبعيته للتنظيم الدولي، فلما أبايع شخصا خارج القطر وأطيعه حتى لو أمرني بأشياء ضد رئيس الدولة التي أنا فيها، فأنا أعتبر هذا خيانة.. فقد كانت توجد أشياء لا يستطيع عباسي مدني التصرف منفردا، بل كان ينتظر أوامر من التنظيم الدولي، لا أستطيع تحديدها الآن، لكن ما أعرفه أن وقتها لما كانت تتم مناقشة ما يحدث في الجزائر بعد اغتيال بوضياف، ثم دخلت الحرب الشعواء الإرهابية في الجزائر، كان عباسي مدني يرسل المراسيل لمصطفى مشهور وكان يتلقى التعليمات والأوامر، وكانت هذه التعليمات سرية، وكنت أتقابل أحيانا مع مندوبيه في مكتب الإرشاد بمصر، وكان مصطفى مشهور يحرك الأحداث التي كانت تشهدها الجزائر في التسعينات أيام سنوات الإرهاب. لكن كل من أرّخ لهذه الفترة ذكر أنه كان فيه خلاف بين إخوان الجزائر وبين مكتب الإرشاد؟ وقالوا أيضا أنهم كانوا على خلاف مع إخوان الكويت، لكن التقيت شخصيا بعدد منهم وقالوا أنها كانت تمثيلية نقوم بها لأننا أمام أهلنا في الكويت لم نكن نستطيع أن نقول اأنا تحت لواء التنظيم الدولي الذي أخذ موقفا مساندا لصدام، فما حدث ويحدث توزيع أدوار فقط، وهذا ما قالوه في التسعينات أيام الإرهاب في الجزائر. هل تملك وثائق من تلك المراسلات التي كانت تتم بين عباسي مدني وبين مصطفى مشهور؟ لم تتح لي الفرصة لكي أمتلك بعضا من مراسلات عباس مدني ومصطفى مشهور، لكني كنت ألتقي مندوبي عباس مدني ولا يذكرني الآن أسماؤهم، وكنت أعرف بعضا مما يدور بينهم وبين المرشد، لكن في العموم فقط لأن تلك أمورا كانت سرية جدا. بعين المحامي كيف يرى الدكتور ثروت الخرباوي المحاكمات التي أقيمت وتتواصل للرئيس الأسبق حسني مبارك، وكيف ترى وضع الرئيس السابق محمد مرسي؟ بخصوص محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك، أخطأ الإخوان وساهموا في الخطأ أيضا، فبعد الثورات ينبغي أن تكون هناك محاكم ثورية ويكون لها قانون خاص بها وقانون إثبات بعيد عن القوانين العادية للدولة، وأنا واحد من الناس الذين طالبوا بإنشاء محاكم خاصة بقانون خاص تتولى هي محاكمة نظام مبارك وأعوانه، إلا أن الإخوان قالوا سنرتكن إلى القوانين الإجرائية الموجودة داخل البلاد والساري فعلها، وكنت أعرف أن القوانين السارية ستؤدي إلى براءة مبارك، وكنت تساءلت: هل يفعلون ذلك لكي يمكنوه من الحصول على البراءة بعد أن تهدأ النفوس.. أما المحاكمات التي ستعقد لمرسي تستند هي الأخرى للقوانين العادية، وإن كان الأمر مختلفا في موضوع مرسي ونظامه، لأن مبارك لديه قدر من الحيطة والحذر، بمعنى أن الأدلة في الفساد السياسي لم تكن متوفرة بالشأن الذي يمكن من إدانته، أما ما حدث لمرسي فهناك جرائم ثابتة من خلال شهود وأدلة كثيرة، وبالتالي مرسي ستتم إدانته ومبارك سيخرج براءة.