اتصالات هاتفية، مشاورات، استفسارات، وترقب هو المشهد اليومي لسائقي الحافلات بالعاصمة وضواحيها ،فقبل وصول الناقلين إلى المحطة بمسافات صغيرة حتى تجد السائقين في قلق كبير، يعلنون قرب وصولهم إلى المحطة، وكأنه الإعلان عن وصول طائرة ما يجعل المسافرين يتساءلون هل هي سياسة الناقلين للظفر بمكان وسرعة في ”الأداء” أم أن سوق النقل تتطلب منهم ذلك. نصف اليوم ينتهي في الازدحام في رحلة قامت بها ”الفجر” لاكتشاف عالم هؤلاء الناقلين، اتجهنا من محطة عين الله إلى تافوره ومن ساحة أول ماي إلى بن عكنون وإلى ساحة الشهداء وعين البنيان، المنظر والغاية واحدة، هو ضمان أكبر عدد من الركاب وفي وقت وجيز. وفي هذا الإطار يقول سائق حافلة نقل المسافرين من محطة تفورا إلى القليعة: ”المسافة بين العاصمة والقليعة طويلة نوعا ما، ولذلك فعامل الوقت مهم بالنسبة للناقلين خاصة، وما يعكر صفونا هو الازدحام الشديد الذي يصادفنا في الطريق حيث نضيع نصف الوقت في انتظار ”طوابير” السيارات التي توقف حركة التنقل ابتداء من زرالدة إلى عين المكان، ولذا يلجأ الناقلون لأسلوب يخفف عنهم عناء الانتظار في المحطة الرئيسية وتفادي أكبر قدر من الإزعاج الذي يعكر صفو يومهم وكسب كمية معتبرة من النقود”. غياب أعوان المراقبة خلق الفوضى في المحطات نفس الرأي عبر عنه السائق ”رشيد” والذي ينقل المسافرين من حجوط إلى العاصمة حيث يقول: ”لازلنا نبحث عن حلول وسيطة لتخفيف الضغط الكبير الذي يصادفنا في الطريق في ظل غياب أعوان للمراقبة يضمنون السير الحسن لنظام المحطة، وهذا من خلال ضبط الحافلات التي تقل المسافرين عبر هذه الخطوط بمراعاة عامل الوقت الذي يعد مهما جدا، خاصة وأن آخر رحلة مبرمجة إلى شرشال تنتهي على الساعة الخامسة مساء”. من جهة أخرى أكدت إحدى الراكبات على خط تافورا بواسماعيل أن ما يزيد من معاناة المسافرين هو كثرة الحواجز الأمنية التي تحدث الازدحام، ما يجعل معدل الساعات لهذه المسافة يصل إلى أكثر من ساعتين، بالإضافة إلى أن هذا المحور هو الممر الذي يتخذه الوزراء الذين يقطنون بالصنوبر البحري ولذا تجد أن معظم الحافلات ترضخ لتعليمات أمنية يفرضها أعوان الأمن لسهولة مرور مواكب الوزراء والمسؤولين. التسابق للوصول إلى المحطة الرئيسية كما عبر المواطنون عن سخطهم فيما يخص خط باب الوادي عين البنينان من شدة الازدحام الذي يصادفهم يوميا، إلى جانب التسابق الذي ينطلق مع السائقين بمجرد الاقتراب من المحطة الرئيسية، فغالبا ما يدخل الناقلون في شجارات غير منتهية مع بعض بسبب استيلاء أحدهم على مكان الآخر. مديرية النقل... الناقلون لا يطبقون القانون وعلى المواطن التبليغ أكدت مصالح مديرية النقل بالعاصمة أن عددا كبيرا من أصحاب الحافلات يتعرضون شهريا لسحب وثائقهم جراء التجاوزات غير القانونية التي يقومون بها، فالذي يقلّ عددا كبيرا من الركاب أو يمكث وقتا يفوق توقيت إنزال الركاب في المحطات الفرعية أو يسير خارج خطه القانوني يتعرض للسحب الفوري للوثائق، كما يعاقب القانون السائق الذي لا يعطي للزبائن تذاكر السفر والقابض الذي يصرخ خارج الحافلة بالإضافة إلى استعمال المذياع والإساءة إلى الركاب، خاصة وأن المواطن الجزائري لا يملك ثقافة التبليغ عن التجاوزات مما سمح لأصحاب الحافلات بالتمادي في أخطائهم. وعن نوعية العقوبات التي يتعرض لها السائقون في حالة خرقهم القانون، قالت إنها تتمثل في سحب الوثائق وتحويل الحافلة إلى المحشر والذي قد ينجر عنه غرامات مالية تصل إلى تسعة ملايين سنتيم في الشهر.. هي يوميات الناقلين على مختلف المسافات، يكون بطلها دوما الناقلون ويدفع ثمنها المواطن البسيط الذي زادت تنقلاته اليومية عبر الحافلات من معاناته اليومية. فإلى متى ينتهي هذا المسلسل الطويل الممل؟